للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصلاة والسلام عليك يا خير مولود، ويا خير مبعوث، حق للعالم أن يفرح بمولدك الشريف كما كانت فرحته العظمى ببعثتك السعيدة، موفقا من ذكرك، فإن الله لا يقبل أن يذكر ولا تذكر، موفقا من عمر أوقاته بالصلاة والسلام عليك واجتلى أنوارك عند كل مناسبة طيبة تذكر فيها.

كان المسلمون الأولون في احتفال دائم برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينفذون شريعته ويطيعون أوامره ويرددون ذكره بكل إجلال وتعظيم، وإخلاص ومحبة في كلمتي الشهادة: لا إله إلا الله محمد رسول الله، وفي أذان الصلاة، والتشهد وغيرها من الشعائر الدينية الأخرى يصلون عليه ويسلمون كلما ذكر اسمه الشريف طاعة وأمتثالا لله {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ...

هكذا كان المسلمون الأولون قلوبهم مملوءة بمحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا قرأوا القرآن يذكرونه، وإذ يصلون يذكرونه، وإذ يتحدثون يذكرونه، فحياتهم كلها كانت ذكرا لله ولرسوله، وقد اشترط الله فيمن يحبه أن يحب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} ...

لقد كان المسلمون الأولون يتجهون دائما إلى الحقائق لا إلى صورها ومظاهرها، وإلى إصلاح المجتمع بالحق والخير والعدل لا إلى خداعه بالشكليات التي لا تغني من الحق شيئا ...

وهل كان المسلمون الأولون يتصورون أن تقام الذكرى للزعماء والعظماء ويجهلون ذكرى نبيهم، كلا؟ لم يقع هذا ولكن جذوة الإيمان فترت في القلوب، وشغل الناس بالشقاشق عن الحقائق، وتزيين الظاهر عن تعمير الباطن. غلبت البدع والأهواء على مسلمي اليوم، وطرأ ما طرأ عليهم ما طرأ على سوالف الأمم فابتدعوا بدعا سموها طاعات وظواهر زعموها عبادات مع أن صميم العبادة الإسرار بالذكر وتعمير القلوب بالطاعات،

<<  <   >  >>