كان الناس قبل نزول القرآن في غفلة تامة وجهالة شنيعة عن معرفة الخالق إلا ما كان من بعض الأفراد القلائل ...
جاء القرآن فعرف الناس دلائل التوحيد، وما يحب لله تعالى من أسمائه الحسنى وصفاته وما يستحيل عليه من أضدادها.
كانت العقول والأفكار مقيدة فلم تستطع أن تفهم ما في هذا الكون من الأسرار والحكم، فجاء القرآن محررا لها من القيود، وأعطى للعقل حريته في النظر والتفكير والتأمل في عجائب هذا الكون.
كان الناس قبل نزول القرآن فرقا وشيعا ومذاهب وأحزابا يعبدون آلهة شتى فقال لهم القرآن {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} والإسلام هو دين التوحيد في هذا الوجود {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ... }(آل عمران).
القرآن جاء مصححا لعقيدة التوحيد، وبالنظام الشامل لحياة الناس في كل شأن من شئونهم، بل في كل ما يحتاجون إليه من الغيبيات، وما تدركه حواسهم من المحسوسات سواء إتصلت بالدنيا التي نعيش فيها، أو الحياة الأخرى التي نحن مقبلون عليها.
كلف الله نبيه الكريم بتبليغ هذا الكتاب المقدس للناس فبلغه كما أمر، وطبقه على نفسه أحسن تطبيق، وأقام على أساسه خير أمة، وأفضل مجتمع، وأعدل دولة عرفها الناس في تاريخهم الطويل، فأصبح هذا الكتاب الرباني دستورا للأمة الإسلامية التي احتضنته بكلتا يديها، كما قال الشاعر المسلم:
دستور القرآن لا ما صاغه ... متفلسف حنق وفكر عبقري
كم تحدى المفلقين بيانه ... كم هز في إعجازه من منبر
شهد العدو بصدقه وجماله ... خير الشهادة ما أتى من منكر