والذين صغر في أعينهم شأن الله حتى طلبوا أن يروه عيانا كما يرون الأشياء، هؤلاء أخذتهم الصاعقة بظلمهم {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ}(سو رة البقرة)، وأما الذين عبدوا العجل وجعلوه إلها فقد نالهم من الله غضب وذلة في الحياة الدنيا، ولكنهم قد تابوا، ورجعوا عن ضلالهم بعد أن راجعهم موسى ونسف العجل الذي عبدوه، وهم ينظرون {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ}(سورة الأعراف) ...
ورأس الفتنة هو السامري الذي دعا إلى اتخاذ العجل من الحلي التي جمعها من القوم، وصوره منها، فقد مثل به فكان لا يمس شيئا إلا أصابه منه الضر والأذى ...
{قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ}(سورة طه). فهنا لم يقع العذاب شاملا، ولم يأخذ القوم جميعا، وإنما وقع على من استحقوه بما ظلموا، لأن في البقية رجاء، وفيهم مكان لمغارس الهداية والإيمان، إن الجسم الذي يصلح ببتر عضو من أعضائه المريضة فبقية الأعضاء الأخرى السالمة يجب أن تبقى ...
وقد كان في بني إسرائيل مفسدون لم تستقم مع الحق والخير نفوسهم، وكانوا نبتا سيئا، فتولت السماء إقتلاعه ...
أرأيت إذا كيف كان المنهج الذي قامت عليه دعوة الرسل رسولا بعد رسول، وعصرا بعد عصر؟
فقد ساير هذا المنهج عقلية الإنسانية، وتقابل معها على المستوى الذي كان لها من الوعي والإدراك. كان المنهج في الرسالات الأولى منهجا تلقائيا يلقن الإنسانية في طفولتها مبادئ العقيدة:{اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} كما يلقن الطفل أسماء المسميات، فيقال له: هذا مصباح، وهذا مذياع، وذلك كرسي، وتلك سيارة وهكذا ...