للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتوبة أهل الورع من الشبهات، وتوبة أهل المراقبة (١) عن الغفلات، والبواعث على التوبة سبعة: خوف العقاب، ورجاء الثواب، والخجل من الحساب، ومحبة المحبوب، ومراقبة الرقيب القريب، وتعظيم بالمقام، وشكر الأنعام ...

الخوف من الله والرجاء: جمع الله الخوف والطمع ليكون العبد خائفا راجيا كما قال تعالى: {يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} فإن موجب الخوف معرفة سطوة الله، وشدة عقابه، وموجب الرجاء معرفة رحمة الله، وعظيم ثوابه قال تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} {وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} ومن عرف فضل الله رجاه، ومن عرف عذابه خافه، ولذلك جاء في الحديث: "لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا" (٢) إلا أنه يستحب أن يكون العبد طول عمره يغلب عليه الخوف ليقوده إلى فعل الطاعات، وترك السيئات، وأن يغلب عليه الرجاء عند حضور الموت لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى (٣) " واعلم أن الخوف على ثلاث درجات: الأولى أن يكون ضعيفا يخطر على القلب ولا يؤثر في الباطن، ولا في الظاهر، فوجود هذا الخوف كالعدم، والثانية أن يكون قويا: فيوقظ العبد من الغفلة ويحمله على الاستقامة، الثالثة أن يشتد حتى يبلغ الى القنوط واليأس، وهذا لا يجوز، وخير الأمور أوسطها، والناس في الخوف على ثلاث درجات: فخوف العامة من الذنوب، وخوف الخاصة من الخاتمة، وخوف خاصة الخاصة من السابقة، فإن الخاتمة مبنية عليها، والرجاء على ثلاث مقامات: الأولى رجاء رحمة


(١) المؤمن لا يغفل عن عبادة الله لأن أعماله كلها مرتبطة بالعبادة، فعمله بيديه لتحصيل الرزق الحلال لا يقل درجة عن صلاته وزكاته ولذلك فهذه التقسيمات مبتدعة من متأخري الصوفية.
(٢) قال ابن تيمية- هذا مأثور عن بعض السلف وهو عام صحيح.
(٣) رواه: أحمد في مسنده- مسلم- وأبو داود- وابن ماجه- عن جابر وهو صحيح

<<  <   >  >>