قال عليه الصلاة والسلام: لا تزال لا إله إلا الله تنفع من قالها، وترد عنهم العذاب والنقمة ما لم يستخفوا بحقها قالوا يا رسول الله وما الإستخفاف بحقها قال - صلى الله عليه وسلم - يظهر العمل بمعاصي الله فلا ينكر ولا يغير.
وقال: تركت فيكم ما إن تمسكتم به فلن تضلوا من بعدي أبدا كتاب الله وسنتي (١).
إذا وما العمل- أيها المسلمون- ليس هناك ملجأ أو نجاة، أو نصر أو حياة إلا بالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسول الله. دوروا أيها المسلمون حيث دار الاسلام.
المؤمن الحقيقي لا يبطره النصر إذا انتصر ولا تقنطه الهزيمة إذا انهزم، إن الهزيمة والنصر يستفيد كل منهما وكلاهما يدخلان الجنة. ان انتصر المسلمون فالفضل لله وحده، وإن انهزموا بحثوا عما قصروا فيه من طاعة الله أو مخالفته ولا تكون الهزيمة للمسلمين إلا إذا فرطوا في شيء مما أمرهم الله به، أو عطلوا حدا من حدوده، ولم يتوبوا، ألم تضق الأرض بالمسلمين بما رحبت في غزوة حنين وقائدهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين ظنوا أن النصر إنما هو في جانب الكثرة، وأعجبوا بكثرتهم فلم تغن عنهم من الله شيئا لولا أن تداركهم ألله برحمته الواسعة، وكذلك زلزلوا في غزوة أحد لأنهم خالفوا - بنية طيبة وقصد سليم- أوامو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واجتهدوا ولكن لا اجتهاد مع النص، ولهذا أدبهم الله تأديبا أدركوا بعده قيمة مخالفة أوامر الرسول - صلى الله عليه وسلم - ووقفوا على عواقب ذلك الخلاف ...
رسم النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه ثلاثة مشاعر انطبعت عليها قلوبهم، وبهذه المشاعر الثلاثة ظلت راية الإسلام مرفوعة: المشعر الأول هو أن ما جاء به - صلى الله عليه وسلم - هو الحق، وما عداه هو الباطل، وأن رسالته أكمل الرسالات، ومنهجه أفضل المناهج، ونظام شريعته أحسن النظم فهي التي تحقق السعادة للناس أجمعين، المشعر الثاني: إن المسلمين ما داموا أهل حق وما داموا حملة رسالة النور، وما دام بينهم هدى السماء لإرشاد الناس فيهدونهم
(١) من خطبة الوداع عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه (رواه مسلم).