للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البطاقة أشهر من أن يذكر وكذلك الحديث القدسي المروي عن علي الرضا عن آبائه عليم السلام: "وجاء من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة بلا حساب" وما هو الفرق بين ذلك وبين من قالها ولم تكن آخر كلامه في الدنيا.

أجمع المسلمون على معرفة الله تعالى وإان اختلفوا في الوسائل شرعا وعقلا أما النظر في معرفة الله تعالى لا خلاف بين أهل الإسلام لوجوبه، لأنه أمر يتوقف عليه الواجب، وكل أمر يتوقف عليه الواجب فهو واجب شرعا كما رأى الصحابة - رضي الله عنهم -، وعقلا إن كان عقليا كما هو رأي المعتزلة لئلا يلزم تكليف المحال.

أما كون النظر الذي يتوقف عليه التوحيد ليس ضروريا بل هو نظري ومحل الخلاف في وجوب النظر في أصول الدين وعدم وجوبه في غير معرفة الله تعالى أما النظر فيها فواجب إجماعا كما ذكره سعد الدين التفتزاني ورجح هذا القول الإمام الرازي والآمدي وقال بعض العلماء في ذلك: إن المطلوب هو اليقين لقوله تعالى عز وجل لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} وقال أيضا للناس: {اتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}. ولا يتم اليقين إلا بحصول النظر ولهذا لم يجوز بعض العلماء التقليد في الأصول والبعض منهم أجازوه لكن بشرط العقد الجازم لأنه عليه الصلاة والسلام كان يكتفي من الناس بنظق الشهادتين تحت ظلال السيوف إذا كانت معتقدا لمضمونها على وجه الإذعان، وعدم كونه معتقدا لها احتمال عقلي.

والذي أوجب النظر من المحققين لم يرد به النظر عن طريق المتكلمين بل صرح بعضهم أن المعتبر في النظر هو طريق العامة، ويكفي دليلا على صحة إيمان المقلد. كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكتفي هو وأصحابه من عوام العجم وأجلاف العرب بمجرد الإقرار بالشهادتين ولو كان الاستدلال فرضا لأمروا به بعد النطق وللقنوه لهؤلاء الأجلاف كما كانوا يلقنونهم الواجبات الشرعية ولم ينقل أحد من الصحابة أنهم أمروا ممن دخل في الإسلام بالاستدلال وترديد النظر ولا سألوه عن دليل تصديقه ولا أرجأوا أمره حتى النظر.

<<  <   >  >>