للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

روحي، ومن أجل هذا كان الإيمان بالله عز وجل لا يرتاد إلا النفوس التي حل بها الطهر وزكاها العلم، ولا يكودما إلا في النفوس التي خلت من الشك والريب، وسلمت من الزيغ ...

الإسلام يطرح العقيدة على العقل على أساس النظر والفكر ليستقر الإيمان في نفس المخاطب، وجذور هذه العقيدة ضاربة في الكون والنفس والبشر {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} (سورة فصلت).

كما هي مودعة في الكتاب الكريم {هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} (سورة البقرة) {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} (سورة ق).

إن الإيمان بالله عز وجل وما أشكل عليه قضية خطيرة قضية تحديد قوة عليا تستوعب الزمان والمكان والإنسان قضية تحديد حياة أخرى لا تقاس بملايين السنين إنه الخلود، ومن تسنى له أن يخوض هذه القضية الكبرى- أي قضية الإيمان- عقليا فيغدو مؤمنا حقا ويكون قد مر بتجربة فكرية اكتسبته مرانا رائعا على التجرد من العقائد الزائفة، ومن شأن هذا المران أن يطيع العقل الإنساني بطابع التثبت والاتزان، والمؤمن الذي يراقب الله بحذر من التسرع قال الله عز وجل: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} (سورة الإسراء) فإذا آمن الناس بالحقيقة الكبرى إيمانا عقليا وآمنوا برسوله وكتابه إيمانا عقليا أليس من المعقول أن يسلم العقل فيما تعجز عنه حواسهم الحسية من النصوص الواردة من القرآن والحديث في الجنة والنار والملائكة والشياطين؟ سيما وقد قبلوا الأصول الكبرى عن طريق العقل، وهذه التفصيلات الغيبية محدودة في النصوص الصحيحة ..

لقد عرض الله قضية الإيمان على العقل، وأخذ بيده إلى الكون، وخاطبه بالبرهان. ولكن المؤمنين غافلون عن حقيقة إيمانهم، فأصبحوا لا يستخدمون عقولهم في معرفة العقيدة حتى يعرفوها معرفة جيدة،

<<  <   >  >>