للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معرفة زكي الرائحة من رديئها وطيب النهكة من فاسدها، وانظروا أيضا إلى حاسة الذوق، وكيف تستلذون بواسطتها على تذوق الأصناف والطعوم ومعرفة الحلو والحامض، والمر والمالح. وكذلك البصر وانطباع المرآة عليه وانعكاسها على صفحة المخ لتترك آثارها. وكذلك السمع، وانقلاب المسموعات إلى مفهومات وانطباعها في حافظة المخ لتزوكم به وقت حاجتكم إليه. وهكذا سائر الأعضاء بما وهب لها الله تعالى من مزايا يضيق الخاطر عن حصر فوائدها ومنافعها.

فإذا ما فكر الإنسان في خلقة نفسه، ودقة حواسه، وتأمل هذه الآيات والأدوات التي صاغها الخلاق العليم، وبرأها المدبر الحكيم.

وهل يستطيع الإنسان بما أوتي من علم ومال، وجاه وسلطان أن يستعيض عن أحدها لو سلبها أو أن يردها بعد تلفها، أو أن يفهم كنهها، ويعرف سر تركيبها.

حقا لو تأمل الإنسان بعض ذلك لما وسعه إلا أن يقول .. {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}.

ومع هاتيك الدلائل المتظاهرة على وجود الله تعالى واستناد عالمنا في نشأته على قدرته جل جلاله. ومع إطراد البراهين على ان الدين حق وأن تعاليمه مناط الرشد، وطوق النجاة. ومع ذلك كله فبين الحين والحين نسمع أمرأ مهزوز الرأي، والضمير يهرف بما لا يعرف ويظن الناس أن من أعلن الكفر بالله واليوم الآخر إنه في عداد العباقرة ذلك أن الطريقة التي تكون بها الجسم، والتي يحيا بها آنا بعد آن أروع وأبدع ألف ألف مرة من أعظم المنجزات، والكشوف التي عرفناها في هذا الزمن وغيره.

<<  <   >  >>