للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المخ إشارة بما يجب اتباعه وقد يشير المخ تبعا لسلوك شخص الإنسان بالفرار من اللص، أو بالهجوم عليه، وانتزاع الخنجر من يده، أو بمبادرته بطلقة من مسدس، أو ضربة من عصا ونحوها على أن الزمن الذي تستغرقه هذه الرسائل الذاهبة والآتية- يدق على أي آلة أو أداة لا سلكية لا يتجاوز ذلك الزمن إلا جزءا من مائة جزء من الثانية الواحدة. فعلاقة الحواس بالمخ علاقة ثابتة ما ثبت الوعي والإدراك اللذان يتفرع منهما التمييز والتصور والذاكرة، والتعليل والطموح، وإدراك الهدف.

ولا يخفى ما في خلقة المخ من أعاجيب وغرائب، فمن أعجب الأعاجيب إختزان العلوم والمعارف والمدارك والمحفوظات، واستخراج ما يريد من ذلك من سجلاتها المرتبة المبوبة في ظرف ربما لا يتجاوز ارتداد الطرف فبواسطته وذبذباته يعجز اللسان عن وصفها ويضيق الجنان عن الإحاطة بها.

هذا وقد دل الفحص المجهري على أن عدد الخيوط العصبية في المخ يتجاوز عشرة آلاف مليون .. كل واحد منها تدب فيه الحياة، ويحمل وظيفة عضوية يؤديها على أكمل وجه. وعلى هذا المنوال تؤدي أجسامنا - بما احتوت عليه من أعضاء- وظائفها ذات الأهداف المتباينة بغير وعي منها، الأمر الذي يدل دلالة قطعية، على أن هناك إرادة عليا تسيرها وتوجهها.

ولو لم يكن في بديع صنع الإنسان: سوى أنه يأكل الطعام، ويشرب الشراب في مدخل واحد ثم يخرج كلاهما من مخرج منفصل عن الآخر.

لكفى ذلك عجبا. وناهيك بما يفعله الجسم بالطعام والشراب حين يهضمهما ويأخذ أطايبهما ثم يلقى بنفايتهما بعد أن يستنفد وقوده، ويأخذ حاجته ويستوعب كفايته .... فتبارك الله أحسن الخالقين ....

ولو تأملتم حواسمك لوجدتم أعجب العجاب. أنظروا إلى حاسة اللمس وكيف أنكم تستطيعون بها الفرق بين الناعم والخشن، والبارد والحار، واللين والرخو، وانظروا أيضا إلى حاسة الشم، وكيف تستطيعون بواسطتها

<<  <   >  >>