للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢) توحيد الألوهية: هو توحيد الله بأفعال العباد التي تعبدهم بها، وشرعها لهم مثل الدعاء والذبح والنذر والإستعانة والإستغاثة إلى غير ذلك وهذا النوع من التوحيد هو الذي جحده الكفار وكانت الخصومة فيه بين الرسل وأممهم من لدن نوح إلى نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - قال تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (سورة الزمر ٦٢).

والشرك أنواع: يجب أن يكشف الغطاء عن هذه الأنواع. والله عز وجل ما أرسل رسله وأنزل كتبه وخلق السماوات والأرض وما بينهما وما فيهما من المخلوقات التي لا تعد ولا تحصى إلا ليعرف ويعبد ويوحد، ويكون الدين كله لله، والطاعة كلها له، والدعاء له وحده. قال تعالى في (سورة الذاريات) {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}. وقال: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ} (سورة الحجر). إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة الدالة على توحيده وقدرته. ولقد أوجب الله على المسلم المكلف أن يعرف الله بأسمائه وصفاته وأفعاله، وأن يعبده وحده لا يشرك به شيئا وأن يقوم الناس له بالقسط، والقسط هو العدل، ومن أعظم العدل التوحيد، ومن أقبح الظلم لله سبحانه وتعالى الشرك. قال تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (سورة لقمان ١٢). والشرك بالله أكبر الكبائر لا يغفره الله.

وإذا عرفت أن التوحيد هو العدل، والشرك هو الظلم والجور فحينئذ تعرف أحكم الحاكمين وأعلم العالمين. وتعلم أيضا أن ما فرضه الله على عباده من العبادات والطاعات حق، وما حرم عليهم من الفواحش والمخالفات لأحكامه فهو في صالح الناس وتفاوت الطاعات والمعاصي يكون على حسب مراتب الإيمان فلما كان الشرك منافيا للتوحيد كان أكبر الكبائر على الإطلاق، وحرم الله الجنة على كل مشرك، وأباح دمه وماله لأهل التوحيد. وأبى الله سبحانه وتعالى أن يقبل من المشرك عملا، أو يقبل فيه شفاعة، أو يستجيب له في الآخرة دعوة. إن الشرك أجهل الجاهلين بالله حيث جعل له ندا من خلقه، وهذا غاية في القبح والظلم. هل يشرع الله

<<  <   >  >>