يفعلوا منكرا. ولهذا يؤمنون بآيات ربهم ويعملون بها ويهتدون بهديها قد خلت نفوسهم من أثر الشرك، وكانوا على خشية ومراقبة دائمة لله حتى إنهم يفعلون ما يفعلون من خير ويقدمون ما يقدمون من طاعات وعبادات لا تزايلهم الخشية، ولا يبارحهم الخوف من الله ومن أنهم على تقصير في حقه تعالى، وفيما يجب له من طاعة وولاء. إن هذه الصفات المذكورة في الآية تلتقي جميعا في قلب المؤمن بالله إلا أن المؤمن على حظوظ مختلفة منها فبعضهم تغلب عليه صفة الخشية من الله، وبعضهم يؤمن بآيات الله، ولكن تغلبه نفسه، فلا تتحقق الخشية كاملة من الله في قلبه، وبعضهم يعترف بوجود الله ويقر بوحدانيته إقرارا عقليا، كالفلاسفة ونحوهم.
ولا ينقلون عن الرسل عليهم السلام، ولا يأخذون مما معهم من آيات الله، وبعضهم يؤمن بالله، وبآيات الله، وبرسل الله ثم يؤتون ما أتوا من طاعات وعبادات وهم في صراع مع أنفسهم، وفي خوف من لقاء الله أن يكونوا قصروا فهؤلاء جميعا يمكن أن يتجهوا إلى الخير ويجاهدوا أنفسهم لأنهم يحملون شرارة من الإيمان، وأنهم على هدى من ربهم وعلى طريق الخير والإحسان ..
عن حصين بن عبد الرحمن قال: "كنت عند سعيد بن جبير فقال: أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة؟ فقلت أنا، ثم قلت: أما أني لم أكن في صلاة ولكني لدغت، قال: فما صنعت؟ قلت: ارتقيت قال: فما حملك على ذلك؟ قلت حديث حدثنا الشعبي، قال وما حدثكم؟ قلت: حديثا عن بريدة بن الحصيب أنه قال: لا رقية إلا من عين أو حمة، قال: قد أحسن من انتهى إلى ما سمع، ولكن حدثنا ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -أنه قال: عرضت علي الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهط والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد، إذ رفع إلي سواد عظيم، فظننت أنهم أمتي، فقيل لي: هذا موسى وقومه، فنظرت فإذا بسواد عظيم، فقيل لي: هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، ثم نهض فدخل منزله، فخاض الناس في أولئك، فقال بعضهم فلعلهم الذين صحبوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقال بعضهم: فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئا، وذكروا أشياء، فخرج عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -