للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمسألة مذكورة في كتاب اللباب في بداية كتاب الطهارة عند ذكر الروايات عن أبي حنيفة –رحمه الله تعالى- في الماء المستعمل، فقال: "ذكر مشايخ بلخ عن أبي حنيفة ثلاث روايات في الماء المستعمل:

- إحداها: أنه نجس نجاسة مغلظة (كالبول والخمر)، وهي رواية الحسن بن زياد عنه.

- والثانية: أنه نجس نجاسة خفيفة وهي رواية أبي يوسف عنه.

- والثالثة: أنه طاهر غير طهور، وهي رواية محمد بن الحسن عنه.

ومشايخ العراق رووا عن أبي حنيفة أنه طاهر غير طهور رواية واحدة، واختارها المحققون من أصحابنا، وهي القول الأشهر الأقيس الذي عليه الفتوى" (١).

وقد استدل للرواية الأولى من الكتاب والسنة، وللثانية من المعقول، وللثالثة التي وافقت رواية العراقيين –وعليها الفتوى- بحديث عون بن أبي جحيفة قال: "أتيت النبي بمكة وهو بالأبطح في قبة له حمراء من أدم، قال: فخرج بلال بوضوئه فمن نائل وناضح، قال: فخرج النبي عليه حلة حمراء، كأني أنظر إلى بياض ساقيه، فتوضأ وأذَّن بلال، وقال: فجعلت أتتبع فاه ههنا وههنا يقول يمينًا وشمالًا يقول: حي على الصلاة، حي على الفلاح، قال: ثم ركزت له عنزة، فتقدم فصلى الظهر ركعتين يمر بين يديه الحمار والكلب لا يمنع، ثم صلى العصر ركعتين، ثم لم يزل يصلي ركعتين حتى رجع إلى المدينة" (٢). وفي رواية: "فرأيت بلالاً أخرج وضوءًا، فرأيت الناس يبتدرون ذلك الوضوء. فمن أصاب منه شيئًا تمسَّح به ومن لم يصب منه شيئًا أخذ من بلل يد صاحبه" (٣).


(١) ينظر: اللباب في الجمع بين السنة والكتاب، ١/ ٨٤، وفي الاختيار (١/ ١٦) أنه اختيار أكثر المشايخ، لكن لم يعقبه بعلامة الإفتاء، بل لم أجد ذلك إلا عند صاحب اللباب. وجاء في رد المحتار (١/ ٧١) أن الفتوى على قول الإمام في العبادات مطلقاً، وأنه واقع بالاستقراء، ما لم يكن عنه رواية كقول المخالف كما في طهارة الماء المستعمل.
(٢) أخرجه مسلم، ١/ ٣٥٩، كتاب الصلاة، باب سترة المصلي، رقم حديث: ٥٠٣.
(٣) أخرجه البخاري، ١/ ٨٤، كتاب الصلاة، باب الصلاة في الثوب الأحمر، رقم حديث: ٣٧٦.

<<  <   >  >>