للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشاهد قوله: "فمن نائل وناضح، " ومعناه: فمنهم من ينال منه شيئًا، ومنهم من ينضح عليه غيره شيئًا مما ناله ويرش عليه بللاً مما حصل له، وهو معنى ما جاء في الرواية الثانية المذكرة: فمن لم يصب أخذ من يد صاحبه (١).

وعليه فالحديث دليل على طهارة الماء المستعمل، إن كان ما أخرجه بلال غُسالة أعضاء رسول الله ، والأغلب أنها كانت غُسالة أعضائه وإلا لما فعل بها الصحابة ما فعلوا؛ لأن ما يفضل من وضوئه في الإناء مثل ما يفضل من وضوئه من البئر، فلولا كان الذي أخرجه بلال فضل وضوئه لما فعلوا به ما فعلوا.

وأما ما يدل على أنه غير طهور فترك الأولين بجمعه ليتوضأ به مرة بعد أخرى عند فقد الماء مع قلة المياه في الحجاز، واختلافهم فيما إذا وجد ما لا يكفيه من الماء لحدثه هل يجب استعماله أم لا (٢)؟

ويلاحظ أن لأبي حنيفة – في هذه المسألة ثلاث روايات، وأن الثالثة عن طريق محمد بن الحسن ، وتعتبر ظاهر الرواية، وعليها الفتوى.

فحكم الماء المستعمل عند متأخري الحنفية أنه طاهر غير طهور، والطحاوي من المتقدمين قال بأنه غير طهور فقط، وأنه "لا يجوز توضؤ به ولا الاغتسال" (٣)، ويفهم من كلام الجصاص في شرحه على مختصر الطحاوي أنه يرجح ما سيستقر عليه الحكم عند المتأخرين وما بعدهم بأن الماء المستعمل طاهر أي في نفسه، غير طهور أي غير مطهِّر لغيره (٤).


(١) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، ٤/ ٢١٨ - ٢١٩.
(٢) ينظر: اللباب في الجمع بين السنة والكتاب، ١/ ٥١.
(٣) مختصر الطحاوي، ١٦.
(٤) ينظر: رد المحتار على الدر المختار، ١/ ٢٠١، اللباب في الجمع بين السنة والكتاب، ١/ ٣٩، شرح مختصر الطحاوي للجصاص، ص: ٢٢٩.

<<  <   >  >>