للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دليل القول الثالث:

استدل القائلون بأن الماء المستعمل نجس بأنه زال عنه إطلاق اسم الماء فصار كما لو تغير بالزعفران (١).

قد يناقش بأنه استدلال بمحل النزاع –كما سبق في مناقشة الدليل الرابع من القول الثاني.

ثم يقال: إنكم منعتم من استعمال الماء المستعمل ثانيةً، فلِم جوَّزتم استعمال الحجر المستعمل ثانية عند الاستجمار؟

يقال: إنهما سواء، لكن جوزنا إعادة الحجر المستعمل ثانية؛ لأن غسله قد أعاده إلى أصله قبل الاستعمال، وهو الطهارة، وكذلك الماء المستعمل لو عاد إلى أصله قبل الاستعمال في مخالطة الماء الكثير الطاهر جوزنا استعماله ثانيةً (٢).

قلت: يمكن مناقشته بأن هناك فرقاً بين غسل الحجر المستعمل وبين مخالطة الماء المستعمل مع الماء الكثير الطاهر؛ لأن الأول يمكن إزالة النجاسة بغير الماء، وكذلك نجاسته منفصلة وليست متحللة بخلاف الثاني، ثم الحجر وما ينوب الماء في الاستجمار يوجد أكثر في الغالب بخلاف الماء الكثير الطاهر حتى نخالطه مع الماء المستعمل.

ثم الصحيح من مذهبكم أن كل ما لا يجوز به رفع الحدث لم يجز إزالة النجاسة به كالماء النجس، (٣) فكيف يمكن غسل الحجر المستعمل بالماء المستعمل؟!، فإن كان الماء مستعملاً نجساً لم يجز غسل الحجر به، وإن كان الغسل بماء طاهر طهور فالاستنجاء به أولى.

الترجيح:

بعد استعراض الأقوال في المسألة وأدلة كل قول مع المناقشات ظهر لي أن القول الثاني القائل بأن الماء المستعمل طاهر طهور أقرب للصواب؛ لعدم قيام أدلة كافية تخرج الماء المستعمل عن أصله، لكن عدم استعماله أولى لأمور:


(١) المهذب، ١/ ٢٣.
(٢) ينظر: الحاوي الكبير، ١/ ١٦٢.
(٣) ينظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي، ١/ ٤٥.

<<  <   >  >>