للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الثانية: الماء الراكد إذا وقعت فيه نجاسة (١):

هذه المسألة تأتي في كتب الحنفية تحت باب الماء الذي يجوز به الوضوء وما لا يجوز، وفيه مسائل فرعية كثيرة تتعلق بالمياه وتحديد الراكد منها والجاري، وحكمها إذا خالطتها أشياء طاهرة أو نجسة.

وعند تعيين الحد الفاصل بين الحوض الصغير والكبر (٢) ذكروا مسألة الغدير العظيم إذا وقعت نجاسة في أحد جانبيْه، فجوزوا الوضوء منه إذا كان لا يتحرك أحد طرفين بتحريك الطرف الآخر، (٣) ثم اختلفوا في المعتبر به عند التحريك على ثلاثة أقوال: (٤)

القول الأول: إن التحريك يعتبر بالاغتسال؛ لأن الحاجة إلى الاغتسال أشد منها إلى التوضؤ، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف –رحمهما الله-.

القول الثاني: عن أبي يوسف رواية أخرى أنه يعتبر باليد.

القول الثالث: وعن محمد – أنه يعتبر بالتوضؤ.


(١) الخلاف في هذه المسألة قديم، وهي من المسائل العويصة، وقد قال ابن القيم –: "فهنا معترك النزال وتلاطم أمواج الأقوال، وهي مسألة الماء والمائع إذا خالطته النجاسة فاستهلكت ولم يظهر لها فيه أثر البتة"، (بدائع الفوائد، ٣/ ٢٥٨) وقال الشوكاني –: "وهذا المقام من المضايق التي لا يهتدي إلى ما هو الصواب فيها إلا الأفراد". (نيل الأوطار، ١/ ٤٦)
(٢) الحوض الصغير قاسوه على الأواني في حكم الماء إذا وقعت فيه النجاسة، والحوض الكبير قاسوه على البحر. (ينظر: المبسوط، ١/ ٧٠)
(٣) وهو ما يسمَّى عندهم بخلوص الماء، فإن خلص بعضه إلى بعض فهو قليل، وإن كان لا يخلص بعضه إلى بعض فهو كثير، ثم اختلفوا في تفسير الخلوص والمعتبر فيه على ما ذُكر. (ينظر: تحفة الفقهاء، ص: ٥٧).
(٤) ينظر: الهداية، ١/ ٢١ - ٢٢، العناية شرح الهداية، ١/ ٧٣، البناية شرح الهداية، ١/ ٣٦٨.

<<  <   >  >>