للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمتأخرون قدَّروه بالمساحة عشراً في عشر بذراع الكرباس (١) توسعة للأمر على الناس (٢)،


(١) الكرباس –بكسر الكاف وسكون الراء- ثوب من القطن (الأبيض). ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، ٤/ ١٦١، تاج العروس، ١٦/ ٤٣٢. وعليه فالمراد هنا ذراع القماش، وهو قريب من ذراع اليد، (رد المحتار، ١/ ١٩٦)، والهيتمي حدده بالمقارنة بذراع اليد: " … بذراع اليد المذكور في باب صلاة المسافر، وقدره من ذراع القماش الآن ذراع إلا ثمن ذراع"، (ينظر: حاشية ابن حجر الهيتمي على شرح الإيضاح في مناسك الحج، ص: ٤٥٤)، ومن المعاصرين من حدد الذراع بوحدات معاصرة لقياس الأطوال مثل السنتيمترات فقال: إن الذراع يساوي ٦١. ٢ سم، (ينظر: الفقه الإسلامي وأدلته، ١/ ١٤١)، وعليه فالغدير العظيم ما كان طوله ٦ أمتار و ١٢ سم طولاً وكذا عرضاً. والمعتبر في العمق أن يكون بحال لا ينحسر بالاغتراف، وبعضهم قدره بشبر، وبعضهم بذراع. (ينظر: العناية، ١/ ٨١ - ٨٢) وقد سبق الكلام عن الذراع، وأما الشبر فهو أحد عشر سنتيمترًا ونصف كما قدره بعض المعاصرين. (ينظر: المكاييل والموازين الشرعية، ص: ٥١ - ٥٢). وعليه لو قمنا بعملية رياضية (الطول x العرض x العمق) سنحصل على نتيجة ٤٣٠٧ لترات تقريباً أي ما يزيد قليلاً على أربعة أمتار مكعبة وثلث. ولو اعتبر الذراع لزاد قدر الماء ما يقرب من ستة أضعاف. ودليل تقديره قوله : "من حفر بئراً فله حولها أربعون ذراعاً"، فيكون له حريمها من كل جانب عشرة، ففهم من هذا أنه إذا أراد آخر أن يحفر في حريمها بئراً يُمنع منه؛ لأنه يتجذب الماء إليها، وينقص الماء في البئر الأولى، وإن أراد أن يحفر بئر بالوعة يمنع أيضًا؛ لسراية النجاسة إلى البئر الأولى، وتنجس مائها، ولا يمنع منه فيما وراء الحريم، وهو عشر في عشر، فعلم أن الشرع اعتبر العشرة في العشرة في عدم سريان النجاسة. (ينظر: شرح الوقاية ومعه منتهى النقاية، ٢/ ٤٨، والحديث أخرجه ابن ماجه، ٢/ ٨٣١، كتاب الرهون، باب حريم البئر، رقم: ٢٤٨٦، من حديث عبد الله بن مغفل –، وهو ضعيف كما في البدر المنير، ٧/ ٦٢).
(٢) المراد من التوسعة هنا طول ذراع القماش؛ لأنه أقصر من ذراع اليد بإصبع، (ينظر: مجمع الأنهر، ١/ ٢٩)، والسبب صعوبة تحرز الغدران من النجاسة، فيحكم على الكثير منها بطهارتها، وفيه توسعة على الناس. وذكر المحبوبي في شرحه على الوقاية أن توسعة الأمر على الناس هي تجويز الوضوء من جميع جوانب الغدير، بغض النظر عن إمكانية رؤية النجاسة الواقعة فيه أم لا. (ينظر: شرح الوقاية ومعه منتهى النقاية، ٢/ ٤٨). قلت: وقد يحمل على التوسعة معنى سهولة تحديد الغدير بالمساحة أيضًا، وكله من اختلاف التنوع لا التضاد.

<<  <   >  >>