للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعليه الفتوى (١).

وجاء في المبسوط ما يفيد أن الرواية الصحيحة عن أبي حنيفة – أنه اعتبر تحريك المتوضئ (أو ظنه وصول النجاسة إلى الجانب الآخر) (٢) وأبو يوسف اعتبر تحريك المنغمس، وأما التقدير بالمساحة فقد روي عن محمد –، والمشهور عنه لما سئل عن هذا فقال: "إن كان مثل مسجدي هذا فهو كبير"، فلما قام مسحوا مسجده فروي أنه كان ثمانيًا في ثمانٍ، وروي أنه اثنا عشر في اثني عشر، فكان من روى ثمانيًا في ثمانٍ مسح المسجد من داخل، ومن روى اثني عشر مسحه من خارج، لكنه رجع إلى قول أبي حنيفة-، وقال: لا أقدر فيه شيئًا (٣).

وإذا ثبت ذلك فمعناه أن القول المعتمد في هذه المسألة -الذي ينبغي أن تكون عليه الفتوى وفق قواعد الترجيح في المذهب الحنفي- هو ما رُوي عن أبي حنيفة وما رجع إليه محمد –رحمهما الله- من أن المعتبر هو تحريك المتوضئ وغلبة ظنه؛ لأنه اتفق قول الإمام وأحد صاحبيه، فيؤخذ بقولهما إلا لضرورة أو موجب.

ولعل المتأخرين رأووا موجباً فيما ذكروه من توسعة لأمر الناس، والله أعلم.


(١) ينظر: الهداية، ١/ ٢١ - ٢٢، وفي العناية: "قال: (وكل ماء وقعت فيه النجاسة لم يجز الوضوء به) أراد بالماء ما لا يكون جاريًا ولا في حكمه وهو الغدير العظيم لذكره هذا بعد هذا". (العناية شرح الهداية، ١/ ٧٣، البناية شرح الهداية، ١/ ٣٦٨). فالغدير العظيم وما دونه عند الحنفية مثال للماء الراكد. ويفهم من كلام بعضهم أن الماء الذي زاد على قدر الغدير العظيم يعتبر ماءً جارياً، (ينظر: البناية شرح الهداية، ١/ ٣٦٨)، كما يفهم من بعضهم أيضًا أن حد الغدير العظيم فاصل بين الماء القليل والكثير. (مجمع الأنهر، ١/ ٢٩).
(٢) مجمع الأنهر، ١/ ٢٩.
(٣) ينظر: المبسوط، ١/ ٧٠ - ٧١.

<<  <   >  >>