للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو قول الشافعية إلا أنهم يفرقون بين الماء القليل والكثير بقدر القلتين، فما زاد عليهما فهو كثير، وما نقص منهما فهو قليل، (١).

وهو أيضاً قول الحنابلة إلا أنهم اشترطوا في النجاسة أن تكون غير البول والعذرة المائعة (٢)، وأدلتهم أدلة الشافعية –كما سيأتي-.

القول الثاني: إذا سقطت في الماء نجاسة فلم تغير لونه ولا طعمه ولا ريحه فهو طاهر مطهر بغض النظر عن كثرة الماء أو قلته، وهو قول المالكية (٣).

الأدلة والمناقشات:

أدلة القول الأول:

استدل فقهاء الحنفية بأن الماء القليل إذا وقعت فيه نجاسة ولم تغير أحد أوصافه نجسٌ ولا يجوز الوضوء منه بأدلة، منها:

الدليل الأول: قوله تعالى: ﴿وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ [الأعراف: ١٥٧].

وجه الدلالة: أن النجاسات من الخبائث؛ لأنها محرمة إذ كان في استعماله استعمال الخبائث التي حرمها الله.

قد يناقش بأن الآية في المطاعم والمشارب (٤)، وتحريم الأكل أو الشرب لا يلزم منه تحريم الاستعمال كما في تسميد المزروعات بالنجاسات.

الدليل الثاني: قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ﴾ [المائدة: ٣]، وقال في الخمر: ﴿رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ﴾ [المائدة: ٩٠].


(١) الأم، ١/ ١٨، المهذب في الفقه الشافعي، ١/ ١١٩، الوسيط في المذهب، ١/ ١٦٨، الغاية والتقريب، ص: ٣. ويروى عن ابن عمر وسعيد بن جبير ومجاهد. (ينظر: الأوسط، ١/ ٢٦٠)
(٢) مختصر الخرقي، ص: ١١، الكافي، ١/ ٣٠، المبدع في شرح المقنع، ١/ ٣٦ - ٣٨.
(٣) الكافي في فقه أهل المدينة، ١/ ١٥٦، الذخيرة، ١/ ١٧٢.
(٤) تفسير الطبري، ١٣/ ١٦٥.

<<  <   >  >>