للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما اتفقوا على أن الماء الكثير إذا وقعت فيه النجاسة ولم تغير شيئاً من أوصافه فإنه طاهر (١).

واختلفوا في حكم الماء القليل إذا وقعت فيه النجاسة ولم تغير أحد أوصافه؛ هل يحكم بتنجسه لوقوع النجاسة فيه أم بطهارته لعدم تغير شيء من أوصافه، على قولين رئيسين، وسبب اختلافهم في هذه المسألة اختلافهم في تحديد الماء القليل والكثير، وكذلك اختلافهم في كيفية الجمع بين تعارض ظواهر الأحاديث الواردة فيها.

الأقوال في المسألة (٢):

اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: الماء القليل إذا وقعت فيه النجاسة ولم تغير أحد أوصافه نجسٌ ولا يجوز الوضوء منه:

وهو القول الراجح عند الحنفية، وعليه الفتوى، وعندهم القليل ما دون قدر الغدير العظيم –كما سبق- (٣).

وهو قول عند المصريين من أصحاب مالك (٤).


(١) الإجماع لابن المنذر، ص: ٣٥، رقم ١٢.
(٢) للعلماء في هذه المسألة اتجاهان اثنان: الاتجاه الأول: إجراء الحكم على الماء عموماً بغض النظر عن كثرته أو قلته، والاتجاه الثاني: التفريق بين الماء الكثير والقليل، لكنهم اختلفوا في الحد الفاصل بينهما.
(٣) بداية المبتدي، ص: ٤ - ٥، الاختيار، ١/ ١٤، شرح مختصر الطحاوي للجصاص، ص: ٢٣٩.
(٤) الكافي في فقه أهل المدينة، ١/ ١٥٦، بل رُوي عن مالك – أن ذلك الماء مكروه. (ينظر: بداية المجتهد وكفاية المقتصد، ١/ ٣٠، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، ١/ ٤٤). وجاء في الرسالة للقيرواني: " وقليل الماء ينجسه قليل النجاسة وإن لم تغيره". (الرسالة، ص: ١٢). وكذا في إرشاد السالك: " ويكره الوضوء بالمستعمل ويسير حلته نجاسة لم تغيره". (إرشاد السالك إلى أشرف المسالك، ص: ٣). قلت: يفهم من هذه النقولات أن بعض المالكية يرون التفريق بين الماء القليل والكثير، وأن له أثراً في الحكم، لكن لم أجد لهم ما يفرقون به بينهما إلا ما ذكره صاحب تحفة الفقهاء من الحنفية: " واختلفوا في الحد الفاصل بينهما، فقال مالك: إن كان بحال يتغير طعمه أو لونه أو ريحه فهو قليل، وإن كان لا يتغير فهو كثير". (تحفة الفقهاء، ص: ٥٦).

<<  <   >  >>