للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلت الشافعية على أن الماء القليل ينجس إذا وقعت فيه نجاسة بحديث القلتين، وفيه أن النبي – قال: "إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث" (١)، وقد فرقوا به بين الماء القليل والكثير (٢).

وهو دليل الحنابلة أيضاً إلا أنهم اشترطوا في النجاسة أن تكون غير البول والعذرة المائعة (٣).

وجه الدلالة: مفهوم الحديث يدل على أن ما كان دون القلتين ينجس.


(١) أخرجه الترمذي، ١/ ٩٧، أبواب الطهارة، باب ما جاء أن الماء لا ينجسه شيء ومعه منه آخر، رقم حديث: ٦٧، والنسائي، ١/ ٤٦، كتاب الطهارة، باب التوقيت في الماء، رقم حديث: ٥٢، وعند ابن ماجه من حديث عمر –: " إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء"، ١/ ١٧٢، كتاب الطهارة وسننها، باب مقدار الماء الذي لا ينجس، رقم حديث: ٥١٧، والحاكم في المستدرك، ١/ ٢٢٤، كتاب الطهارة، رقم حديث: ٤٥٨، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد احتجا جميعًا بجميع رواته ولم يخرجاه، وأظنهما -والله أعلم- لم يخرجاه لخلاف فيه على أبي أسامة على الوليد بن كثير"، وقد صحَّحه ابن دقيق العيد في شرح الإلمام بأحاديث الأحكام، ١/ ٧٥، وقال: "وقد صحَّح بعضُهم إسنادَ بعض طرقه، وهو -أيضًا- عندنا صحيح على طريقة الفقهاء؛ لأنَّه وإن كان حديثاً مضطربَ الإسناد، مختلفاً فيه في بعض ألفاظه، وهي علة عند المحدثين، إلَّا أن يُجابَ عنها بجواب صحيح، فإنّه يمكنُ أن يُجمعَ بين الروايات، ويجابَ عن بعضها، وينسبَ إلى التصحيح بطريق قوي أصولي، ولكن تركتُه؛ لأنَّه لم يثبتْ عندنا الآنَ - بطريق استقلالي يجب الرجوع إليه شرعاً - تعيينٌ لمقدار القلتين".
(٢) اللباب في الفقه الشافعي، ص: ٥٦ - ٥٧، قال: "والقلتان خمسمائة رطل"، والرطل هو الرطل البغدادي ويسمونه الرطل الشرعي، وقد اختلف في مقداره، ومن المعاصرين من قدره بالمقاييس المعاصرة، وقال: إنه ٤٠٨ غرامات أي ٢٠٤ كيلوغرامات تقريباً، (ينظر: القاموس المحيط، ص: ١٠٠٦، تهذيب الأسماء واللغات، ٣/ ١٢٣، تحرير ألفاظ التنبيه، ص: ٣٢، معجم لغة الفقهاء، ص: ٤٤٩، الموسوعة الفقهية الكويتية، ٣٨/ ٣٠٧) وهو ٢٠٤ لترات من الماء تقريباً إذا كان الماء ٤ درجات مئوية (° C)، وهذا ما يسمى بشذوذ الماء، وهو وصوله إلى أعلى كثافة ممكنة مع أقل حجم ممكن. (ينظر: الحرارة: تجارب وأنشطة، شذوذ الماء، ص: ١٣).
(٣) مختصر الخرقي، ص: ١١، الكافي، ١/ ٣٠، المبدع في شرح المقنع، ١/ ٣٦ - ٣٨.

<<  <   >  >>