للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن كانا سواء فكذلك لوجهين:

أحدهما: قياس، وهو تبني اعتبار الدم يوجب حرمة الصوم والصلاة، واعتبار الطهر يوجب حل ذلك، فإذا استوى الحلال والحرام يغلب الحرام الحلال كما في التحري في الأواني إذا كانت الغلبة للنجاسة أو كانا سواء لا يجوز التحري فهذا مثله.

والثاني: استحسان، وهو أن المرأة لا ترى الدم على الولاء؛ لأن ذلك يُضْنيِها فيقتلها فبهذا الاعتبار لا بد أن يجعل بعض الزمان الذي لم يكن فيه الدم معتبراً بالحيض وعند ذلك يغلب الدم على الطهر عند التساوي فلهذا جعلناه كالدم المتوالي.

فأما إذا غلب الطهر الدم يصير فاصلاً؛ لأن حكم الغالب ظاهر شرعًا، وإذا صار فاصلاً بقي كل واحد من الدمين منفرداً عن صاحبه فيعتبر فيه إمكان جعله حيضاً كأنه ليس معه غيره، وإن وجد الإمكان فيهما جعل المتقدم حيضاً؛ لأنه أسرعهما إمكاناً، وأمر الحيض مبني على الإمكان، ثم لا يجعل المتأخر حيضاً؛ لأنه ليس بينهما طهر خمسة عشر يوماً، ولا بد أن يتخلل بين الحيضتين طهر تام، وأقل الطهر التام خمسة عشر يوماً.

ومن الأمثلة على ذلك:

- مبتدأة رأت يوماً دماً ويومين طهراً ويومًا دماً فالأربعة حيض؛ لأن الطهر المتخلل دون الثلاث.

- ولو رأت يوماً دماً وثلاثة طهراً ويوماً دماً لم يكن شيء منه حيضًا؛ لأن الطهر بلغ ثلاثة أيام، وهو غالب على الدمين فصار فاصلاً.

- وكذلك إن زادت في الطهر فإن رأت يوماً دماً وثلاثة طهراً ويومين دماً فالستة كلها حيض؛ لأن الدم استوى بالطهر في طرفي الستة فصار غالباً.

- ولو رأت يومًا دماً وأربعة طهراً ويوماً دماً لم يكن شيء منه حيضًا؛ لأن الطهر غالب.

- وكذلك لو رأت يومين دماً وخمسة طهراً ويوماً دمًا لم يكن شيء منه حيضًا؛ لأن الطهر غالب.

- ولو رأت ثلاثة دماً وأربعة طهراً ويوماً دمًا فالثمانية حيض؛ لاستواء الدم بالطهر.

- ولو رأت ثلاثة دماً وخمسة طهراً ويوماً دماً فحيضها الثلاثة الأولى؛ لأن الطهر غالب فصار فاصلاً، والمتقدم يمكن أن يجعل بانفراده حيضًا فجعلناه حيضاً.

<<  <   >  >>