للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثاني: العفو من الغسل هو لما يعسر الاحتراز منه مثل المواضع التي تكثر فيها الدواب، وأما ما لا تكثر فيه فلا يعفى عنه (١).

قد يناقش بأنه يعسر الاحتراز من النجاسات المغلظة في بعض مواضع أخرى مثل الحمامات العامة التي تقل العناية بها.

الترجيح:

بعد استعراض الأقوال وأدلتها يظهر أن القول الأول أقرب إلى الرجحان؛ لقوة أدلته، ولورود المناقشة على أدلة القولين الآخرين، ومما يؤيد رجحان القول الأول في الوقت الراهن ما يُسمى بالتنظيف الجاف أو بالبخار، فإنه يزيل النجاسة بدون ماء (٢).

والخلاف في المسألة له ثمرات عملية تظهر في بعض الأمثلة، منها:

- لو أن إنساناً أراد أن يصلي في نعليه مثلاً ورأى عليهما نجاسة الغائط، فعلى القول الأول يمسحهما أو يدلكهما بالأرض ويصلي فيهما إلا أن الحنفية يشترطون زوال عين النجاسة ورائحتها، وعلى القول الثاني لا بد من غسلهما، وعلى القول الثالث لا بد من غسلهما أيضاً؛ لأن النجاسة غائط وهي مغلظة، ولو كانت غير مغلظة لكفى الدلك.

- لو أراد إنسان أن يصلي وعنده ثوب تنجس بروث الإبل وآخر تنجس ببول الإنسان، وقد نظفهما بالبخار، فعلى القول الأول يصلي في أيهما شاء ولا شيء عليه، وعلى الثاني لا يصلي فيهما؛ لأنه لم يغسلهما، وعلى الثالث يصلي في الأول لأن النجاسة ليست مغلظة فيكفي الدلك وما ينوبه من المزيلات، والتنظيف بالبخار منها، ولا يصلي في الثاني؛ لأن النجاسة مغلظة فلا بد من غسلها.


(١) مواهب الجليل، ١/ ١٥٤.
(٢) مجموع فتاوى ورسائل (ابن العثيمين)، ١١/ ٨٧.

<<  <   >  >>