للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن كان الاقتصار على الجبهة دون الأنف فقد سجد على وجهه كذلك، وإن كان الاقتصار على الأنف دون الجبهة فلا خلاف؛ لأنه لم يخالف في ذلك إلا أبو حنيفة – (١)، وصاحباه على خلاف ذلك، وله رواية أخرى توافق قولهما (٢).

فعلى كل الاحتمالات لا يوجد خلاف بين المذاهب، لأن الفتوى على قول الصاحبين لو لم يرو عن أبي حنيفة موافقة قولهما، فكيف إذا رُوي ذلك؟

وعليه فإن السجود على الأنف دون الجبهة لا يجوز، والمسألة متفق عليها بين المذاهب الأربعة (٣).

أدلة المسألة:

استدل العلماء على عدم جواز السجود على الأنف دون الجبهة بأدلة، من أبرزها:


(١) وذكر ابن بطال في شرحه على صحيح البخاري أنه قول أبي حنيفة وجزم، ثم ذكر أنه رُوي مثله عن طاوس وابن سيرين –كذا بصيغة التمريض-. (ينظر: شرح صحيح البخاري لابن بطال، ٢/ ٤٣١).
(٢) وقد سبق ذكر الأقوال في المذهب الحنفي.
(٣) أما الحنفية فقد سبق. وأما المالكية ففي المدونة، ١/ ١٦٧، وقد جوز الاقتصار على الجبهة دون الأنف كما في بداية المجتهد، ١/ ١٤٧، الذخيرة، ٢/ ١٩٣، وينصون على بطلان الصلاة، وكذا في التاج والإكليل، ٢/ ٢١٦. وأما الشافعية ففي الأم، ١/ ١٣٦، نهاية المطلب في دراية المذهب، ٢/ ١٧٦، وبعضهم قالوا بأن السجود على الأنف سنة مع الجبهة. (ينظر: حاشيتا قليوبي وعميرة، ١/ ١٨٣). وأما الحنابلة ففي الإنصاف، ٢/ ٦٧، قولاً واحداً مع القدرة، الشرح الكبير، ١/ ٦٦٠، وقال بسنية السجود على الأنف مع الجبهة، فيستفاد منه عدم جواز الاقتصار عليه، وإلا لم يتحقق الواجب –كما سبق-. قلت: ويؤيده الإجماع المنقول عن ابن المنذر في كثير من الكتب، مثل: فتح الباري لابن حجر، ٢/ ٢٩٦، ونيل الأوطار، ٢/ ٢٩٩، وعون المعبود (مع حاشية ابن القيم)، ٣/ ١١٤، لكن لم أجده في مظانه من كتب ابن المنذر، بل قال في الأوسط ما يخالف ذلك: "ذكر اختلاف أهل العلم في الساجد على الجبهة دون الأنف، وعلى الأنف دون الجبهة"، فأثبت وجود الخلاف في مسألة الاقتصار على الأنف دون الجبهة، ويظهر أنه يحمل على قول أبي حنيفة – المرجوع عنه؛ لأنه لم يذكر غيره عند ذكر تفاصيل المسألة. (ينظر: الأوسط، ٣/ ١٧٤).

<<  <   >  >>