للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد يناقش في أصل معنى الذكر المذكور في الآية، ففي تفسير الطبري (١) (٢) أن له معنى عام وهو الطاعة والعبادة لله، ومعنى خاص وهو التكبير، وإذا وجد الاحتمال بطل الاستدلال.

الدليل الثاني: الناس تبع للحاج، وآخر صلاة يصليها الحاج بمنى صلاة الصبح ثم يخرج، وهو في انتهاء (٣).

يناقش بأن الناس ليسوا تبعاً للحجيج في كل شيء، فقياس بقية الناس على الحجيج قياس مع الفارق.

دليل القول الثالث:

استدل القائلون بأن وقت تكبير التشريق يبتدأ مع غروب الشمس من ليلة العيد قياساً على عيد الفطر، وعلى انتهائه كون الناس تبعًا للحاج، وصلاة الصبح هي آخر صلاة يصليها الحاج بمنى، وقد سبق.

ويناقش بما ورد من الصحابة من الآثار المخالفة، وأن قياس الناس على الحجيج قياس مع الفارق –كما سبق-.

الترجيح:

بعد استعراض الأقوال وسبب اختلافها وأدلة كل قول يظهر أن القول الأول أظهر؛ لقوة دليله، ولورود المناقشة على أدلة القولين الآخرين، وعليه كبار الصحابة، وهو أظهر عند المحققين للحديث.

والخلاف في المسألة له ثمرات عملية تظهر في بعض الأمثلة، منها:


(١) محمد بن جرير بن يزيد الطبري، أبو جعفر، من مشاهير المؤرخين والمفسرين وأئمة العلماء، ولد في آمل طبرستان، وبها نشأ وحفظ القرآن صغيرًا، ثم رحل في طلب العلم، فسمع بالري وبغداد والبصرة والكوفة والشام ومصر، وعاد فاستوطن بغداد، واعتنق المذهب الشافعي، وعارض الحنابلة، وأسَّس مذهب "الجريرية" في الفقه، وهو فرع من الشافعية، فلم يعمر طويلاً. من كتبه جامع البيان في تفسير القرآن، ويعرف بتفسير الطبري، طبع في ٣٠ جزءًا، وهو أوسع كتاب وصلنا في التفسير بالمأثور. ينظر: طبقات المفسرين للسيوطي، ص: ٩٥، معجم المفسرين، ٢/ ٥٠٨.
(٢) ينظر: تفسير الطبري، ٣/ ٥٤٠.
(٣) المجموع، ٥/ ٣١، وقد ذكرهما مع وجه دلالة الثاني.

<<  <   >  >>