للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد سبق في قواعد الترجيح الأغلبية في المذهب الحنفي أن قول أبي يوسف مقدم في مسائل القضاء، ومسألة التحايل على الزكاة من المسائل التي يمكن حملها على أن المراد من قوله: (لا يكره) هو تنفيذ الحيلة قضاءً (١)، وأما الديانة فقد جاء عنه في كتاب الخراج ما نصه: "لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر منع الصدقة ولا إخراجها من ملكه إلى ملك جماعة غيره ليفرقها بذلك؛ فتبطل الصدقة عنها بأن يصير لكل واحد منهم من الإبل والبقر والغنم ما لا يجب فيه الصدقة، ولا يحتال في إبطال الصدقة بوجه ولا سبب" (٢)، وكذا يمكن حمل قول أبي حنيفة ، فيصير اتفاقهم على تحريم التحايل ديانة، واختلافهم في حكمه قضاء، وقد رجع أبو يوسف عن قوله، ووافق قول محمد، والذي يقدم هنا هو قول الصاحبين بأن التحايل لإسقاط الزكاة محرم مطلقاً.

والله أعلم.

دراسة المسألة دراسة مقارنة

بعد الاطلاع على مذاهب الفقهاء في هذه المسألة تبين لي أنه لا خلاف بينهم في أن التحايل لإسقاط الزكاة أمر لا يجوز، وعليه الحنفية -كما سبق- على القول المفتى به، والمالكية قالوا بتحريم أي فعل غرضه الفرار من الزكاة، والفرار منها إسقاطها (٣)، والشافعية قالوا بكراهة ذلك كراهة تنزيه (٤)، وقيل: الحرام (٥)، وهو قول الحنابلة. (٦)


(١) وعليه يحمل قول الإمام أبي حنيفة كما سبق.
(٢) الخراج، ص: ٩٣.
(٣) شرح مختصر خليل للخرشي، ٢/ ١٦٦، التاج والإكليل، ٣/ ٩٥، حاشية الدسوقي، ١/ ٤٤٠، التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب، ٢/ ٢٠٠.
(٤) روضة الطالبين، ٢/ ١٩٠، المجموع، ٥/ ٣٦٤، مغني المحتاج، ٢/ ٧٨، وقال بعضهم إن الكراهة عند الشافعي تكون للتحريم. (ينظر: المستصفى، ص: ٥٣).
(٥) المجموع، ٥/ ٣٦٤، حاشيتا قليوبي وعميرة، ٢/ ١٨.
(٦) كشاف القناع، ٥/ ٣٢١، المبدع في شرح المقنع، ٢/ ٣٠٥.

<<  <   >  >>