للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الأول: الغيبة المنقطعة غياب الولي الأقرب بحيث يفوت الكفء باستطلاع رأيه، وعليه متأخرو الحنفية، وعليه الفتوى –كما مضى-، وهو أيضاً قول الشافعية إلا أنهم فرقوا بين الغيبة القريبة والبعيدة بمسافة يوم وليلة، لكن علَّقوا الأمر على فوات حق البنت من عقدها، فإذا غاب مسافة يوم وليلة وفي ذلك فوات لمصلحة البنت فإنها غيبة بعيدة أي منقطعة التي تنتقل بها الولاية من الأقرب إلى غيره (١).

القول الثاني: النظر إلى سبب الغياب وإرادة الإقامة؛ فإن كان لأجل التجارة ونحوها في بلاد بعيدة مثل إفريقيا ولم يُرد المقام فيها فالغيبة ليست منقطعة، وإن كان ممن خرج في المغازي إلى أفريقيا أو الأندلس فأقام في تلك البلاد فالغيبة منقطعة، وهو قول المالكية (٢).

القول الثالث: النظر إلى المشقة والكلفة الناتجة عن مراجعة الغائب، وهو قول الحنابلة (٣).

بعد البحث لم أظفر بأدلة الأقوال، وقد يُستدل بما ذُكر من العرف والعادة، وهذا يختلف باختلاف الأمصار والأزمان، وكلٌّ له عادته، فلا ينضبط إلا إذا عُلِّق الأمر على مصلحة المولى عليه ودفع ضرره.


(١) ينظر: الحاوي الكبير، ٩/ ١١، وقيل: إنه لا فرق بين الغيبة البعيدة والقريبة في عدم تأثيرها على انتقال الولاية، فلو غاب الولي غيبة قريبة أم بعيدة فإن الولاية تنتقل إلى السلطان مباشرة؛ استناداً على قول الشافعي في الأم (٥/ ١٥)، كما في المجموع (تكملة المطيعي)، ١٦/ ١٦٣، وفي نهاية المحتاج علق الغيبة عن المرأة بالعرف (٦/ ٢٠٩).
(٢) المدونة، ٢/ ١٠٦، التهذيب في اختصار المدونة، ٢/ ١٤٢، التاج والإكليل، ٥/ ٦٧، مواهب الجليل، ٣/ ٤٣٦.
(٣) الكافي في فقه الإمام أحمد، ٣/ ١٣، وقد رد المسألة إلى العرف، وأن المعتبر في الانتظار والمراجعة ما جرت به العادة؛ لعدم التحديد فيه من الشارع.

<<  <   >  >>