للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الدلالة: لم يفصل بين المسلم والكافر؛ لأن الكافر من أهل الظهار؛ لأن حكمه الحُرمة، والكفار مخاطبون بشرائع هي حُرُمات، ولهذا كان أهلاً للطلاق، فكذا للظهار (١).

نوقش بأن الآية خاصة بالمسلمين (٢)؛ فإن أنكحة الكفار فاسدة مستحقة الفسخ، فلا يتعلق بها حكم طلاق ولا ظهار، وذلك كقوله تعالى: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [الطلاق: ٢]، وإذا خلت الأنكحة عن شروط الصحة فهي فاسدة، ولا ظهار في النكاح الفاسد بحال (٣).

الدليل الثاني: قياس ظهاره على طلاقه، فكل من صح طلاقه صح ظهاره (٤).

قد يناقش بأنه لا يسلم أن الطلاق يصح من الذمي؛ لأن أنكحة الكفار فاسدة، ولا يتعلق بها حكم طلاق ولا ظهار، ولو تنوزل إلى أنه يصح فإنه قياس مع الفارق، إذ الظهار تحريم مؤقت للجماع وقبله المس، ويفتقر إلى الكفارة بخلاف الطلاق.

الترجيح:

بعد استعراض القولين وأدلتهما والمناقشات والردود يظهر لي أن القول الأول القائل بأن ظهار الذمي لا يصح أولى وأقرب للصواب؛ لقوة أدلته ولغلبة معنى العبادة في كفارة الظهار، والمسألة لها ثمرة عملية تظهر في بعض المسائل المتشابهة، ولعل القضاء مجال تطبيقها، فعلى سبيل المثال:

- لو أن ذمِّيًّا قال لزوجته: أنت عليّ كظهر أمي فإن قوله لاغٍ على القول الأول ولا أثر له، وعلى القول الثاني يؤخذ به، وعليه الكفارة في غير الصوم.

- وكذا لو قاله لها: إنك علي كبطن أختي أو خالتي إلخ.


(١) بدائع الصنائع، ٣/ ٢٣٠.
(٢) المرجع السابق.
(٣) تفسير القرطبي، ١٧/ ٢٧٦.
(٤) المجموع (تكملة المطيعي)، ١٧/ ٣٤٢.

<<  <   >  >>