للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك العبد يعجز عن الإعتاق حقيقة، وأما الذمي فلا يعجز عن الصوم مطلقاً؛ لأنه يمكنه الدخول في الإسلام حتى يصبح قادراً على الصوم، فقياس فوات الأقوى على فوات الأضعف قياس مع الفارق.

الدليل الثاني: لأنه لا يصح من الذمي الصوم الذي تتأدى به الكفارة (١)، وقيل: إن الظهار يوجب تحريماً ترفعه الكفارة، والذمي لا كفارة عليه، فلم يتعلق بقوله حكم التحريم، إذ لو حرمناها لم يكن تحريماً مؤقتاً بالكفارة (٢).

نُوقش بأنه لا يسلم أن التكفير لا يصح منه، فإنه يصح منه العتق والإطعام، وإنما لا يصح منه الصوم، فلا تمتنع صحة الظهار بامتناع بعض أنواع الكفارة كما في حق العبد، والنية معتبرة في تعيين الفعل للكفارة فلا يمتنع ذلك في حق الذمي، كالنية في كنايات الطلاق (٣).

وقد يجاب بأن معنى العبودية يترجح بسبب الصوم فيها كلها؛ لأنها على الترتيب وليس التخيير، فمن عجز عن العتق لزمه الصوم، ولا يجوز الانتقال عنه إلا للعجز أيضًا، والكفر ليس من العجز المبيح للانتقال، ويمكن إزالته بمجرد إسلامه، وأما العتق والإطعام فإن النية معتبرة في تعيين الفعل، لكنها في صورة عبادة، ولأجلها يمتنع ذلك في حق الذمي.

كما نوقش بأنه لو أتلف كافر صيداً في الحرم فإنه يضمن (٤).

وقد يجاب بأن الضمان من المعاملات، وكفارته لا تنبني على العبادة كما في كفارة الظهار، والله أعلم.

أدلة القول الثاني:

استدل القائلون بأن ظهار الذمي يقع بأدلة، منها:

الدليل الأول: عموم قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ﴾ [المجادلة: ٣].


(١) الجوهرة النيرة، ٢/ ٦٨.
(٢) شرح مختصر الطحاوي للجصاص، ٥/ ٢٠١.
(٣) المجموع (تكملة المطيعي)، ١٧/ ٣٤٢ - ٣٤٣.
(٤) الإنصاف، ٣/ ٥٤٨.

<<  <   >  >>