للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قد يجاب بأن الآيات في سياق الحديث عن المؤمنين، ويؤيده قوله تعالى في الآية الرابعة: ﴿ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٤)[المجادلة: ٤]، وقد جاء في تفسيرها: "وقوله: (ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) يقول جلّ ثناؤه: هذا الذي فرضت على من ظاهر منكم، ما فرضت في حال القدرة على الرقبة، ثم خففت عنه مع العجز بالصوم، ومع فقد الاستطاعة على الصوم بالإطعام، وإنما فعلته كي تقر الناس بتوحيد الله ورسالة الرسول محمد ، ويصدّقوا بذلك، ويعملوا به، وينتهوا عن قول الزور والكذب، (وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ) يقول تعالى ذكره: وهذه الحدود التي حدّها الله لكم، والفروض التي بينها لكم حدود الله فلا تتعدّوها أيها الناس، (وَلِلْكَافِرِينَ) بها، وهم جاحدو هذه الحدود وغيرها -من فرائض الله أن تكون من عند الله-، (عَذَابٌ أَلِيمٌ) يقول: عذاب مؤلم" (١)، فحمل الآيات على الكافر والحالة هذه لا يتصور، والله أعلم.

الثاني: الآية فيها أمر بتحرير يخلفه الصيام إذا لم يجد الرقبة، والصيام يخلفه الطعام إذا لم يستطع، وكل ذلك لا يتصور إلا في حق المسلم.

ونُوقش بأن الصوم بدل عن الإعتاق، والبدل أضعف من المبدل، ثم إن العبد عاجز عن الإعتاق مع أنه يصح ظهاره، فإذا كان فوات أقوى اللازمين لا يوجب المنع، مع صحة الظهار، ففوات أضعف اللازمين كيف يمنع من القول بصحة الظهار (٢).

قد يجاب عنه بأن المنع من صحة الظهار مبني على عدم إمكانية الكفارة بلا نية في صورة عبادة، وهذا لا يتصور من الكافر.

ثم إن العبد يعجز عن الإعتاق كما يعجز عنه الحر؛ فالتفريق بين فوات أقوى اللازمين وبين أضعف اللازمين لا أثر له هنا، لأن الفوات ممكن على الجميع.


(١) تفسير الطبري، ٢٣/ ٢٣٤.
(٢) تفسير الرازي، ٢٩/ ٤٨٠.

<<  <   >  >>