للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الأول: إن المعتبر حالهما معاً، فتكون نفقة الوسط، فوق نفقة المعسرة ودون نفقة الموسرة، وهو المفتى به عند الحنفية –كما سبق-، وقول المالكية (١) والحنابلة (٢).

القول الثاني: إن المعتبر حال الزوج فقط، وهو قول الشافعية (٣).

الأدلة والمناقشات:

أدلة القول الأول:

استدل القائلون بأن المعتبر حال الزوج والزوجة معاً بأدلة، منها:

الدليل الأول: قوله تعالى: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا﴾ [الطلاق: ٧].


(١) وقالوا: إنه يرجع إلى قدر وسعه وحالها. ينظر: شرح مختصر خليل للخرشي، ٤/ ١٨٤. وقد ذكر سبب التفريق بين الحال والوسع المقدر: "فلا تجاب هي لأكثر من لائق بها ولا هو لأنقص منه. فإن قيل: لمَ عبَّر به في الرجل بالسعة والمرأة بحالها ولو قال: بحالهما لكان أخصر؟ يقال: إنما عبر بالسعة في جانب الزوج اقتداءً بالقرآن ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ﴾ [الطلاق: ٧]، والبلد والسعر، يعني أنه لا بد من وجوب النفقة على الزوج من اعتبار حال بلده وحال السعر فيه؛ إذ ليس بلد الخصب كبلد الجدب، ولا بلد الرخاء كبلد الغلاء، ولا حال الموسر كحال المعسر"، وهو تفريق لفظي تأدباً بالقرآن الكريم لا أثر له. ويدل على ذلك ما جاء في الشرح الكبير (٢/ ٥٠٩): "واعلم أن اعتبار حالهما لا بد منه سواء تساويا غنى أو فقراً أو كان أحدهما غنياً، والآخر فقيراً، لكن اعتبار حالهما عند تساويهما فقراً أو غنى ظاهر، وأما عند اختلافهما فاللازم حالة وسطى بين الحالتين، وحينئذ فنفقة الفقير على الغنية أَزْيَد من نفقته على الفقيرة كما أن نفقة الغني على الفقيرة أقل من نفقته على الغنية هذا هو المعتمد".
(٢) الكافي في فقه الإمام أحمد، ٣/ ٢٣٢، وذكر تعليلاً مهماً: "إذا كان أحدهما غنيًا والآخر فقيرًا، ما بينهما، كل على حسب عادته؛ لأنه إيجاب نفقة الموسرين على المعسر، وإنفاق الموسر نفقة المعسرين، ليس من المعروف، وفيه إضرار بصاحبه". ينظر: المغني، ٨/ ١٩٥ - ١٩٦، الشرح الكبير على متن المقنع، ٩/ ٢٣٠، المبدع، ٧/ ١٤٢.
(٣) الحاوي الكبير، ١١/ ٤٢٣، المجموع (تكملة المطيعي)، ١٨/ ٢٥٠.

<<  <   >  >>