للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الأول: ما روى جابر – أن النبي – قال: "إذا كان أحدكم فقيرًا، فليبدأ بنفسه، فإن كان فيها فضل فعلى عياله، فإن كان فيها فضل، فعلى ذي قرابته -أو قال: على ذي رحمه- فإن كان فضل فهاهنا وهاهنا" (١).

وجه الدلالة: الحديث دليل على أن من لا يفضل عن نفقته شيء لا تجب عليه (٢)، وإنما تجب بأدنى ما يفضل عنها.

الدليل الثاني: تقديم نفقة الزوجة على القريب؛ لأن نفقة الزوجة عوض، فَقُدِّمت على نفقة القريب التي هي المواساة، ولأن نفقة الزوجة تجب لحاجته فقدمت على نفقة القريب كنفقة نفسه (٣).

الترجيح:

بعد استعراض القولين وأدلتهما يظهر للباحث أن القول الثاني أقرب للصواب؛ إذ يؤيده النص الشرعي، وفيه رفق بالفقراء أيضاً، والمسألة لها ثمرة عملية تظهر فيما لو كان لشخص موسر أقارب فقراء، فعلى القول الأول لا تجب نفقتهم إلا إذا كان يفضل من ماله مائتا درهم، وعلى الثاني تجب إذا كان فاضلاً عن قوت نفسه وزوجته في يومه وليله.


(١) أخرجه أبو داود، ٦/ ٩٠، أول كتاب العتاق، باب فيمن أعتق عبيداً له لم يبلغهم الثلث، رقم حديث: ٣٩٥٧، وقد صحَّح إسناده محقق الكتاب شعيب الأرناؤوط، وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه، ٤/ ١٠٠، كتاب الزكاة، باب ذكر الدليل على أن النبي إنما فضل صدقة المقل إذا كان فضلاً عمن يعول، لا إذا تصدق على الأباعد وترك من يعول جياعاً عراة إذ النبي قد أمر ببدء من يعول، رقم حديث: ٢٤٤٤، والنسائي، ٧/ ٣٠٤، كتاب البيوع، بيع المدبر، رقم حديث: ٤٦٥٣، وصحَّحه الألباني في الإرواء، ٧/ ٢٣١، رقم حديث: ٢١٦٥، ونقل تصحيح الترمذي ولم أجده، وأصله في مسلم (٢/ ٦٩٢، كتاب الزكاة، باب الابتداء في النفقة بالنفس ثم أهله ثم القرابة، رقم حديث ٩٩٧)، ولفظه: "ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا".
(٢) المجموع (تكملة المطيعي)، ١٨/ ٢٨٦، المغني، ٨/ ٢٢١، ذكر الدليل ووجهه.
(٣) المجموع (تكملة المطيعي)، ١٨/ ٢٨٦.

<<  <   >  >>