للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تحرير محل النزاع:

اتفق الفقهاء على جواز أخذ الرزق من بيت مال المسلمين لتعليم القرآن الكريم (١)، واختلفوا في جواز الاستئجار على تعليمه وأخذ الأجر من ذلك على قولين:

القول الأول: جواز الاستئجار على تعليم القرآن، وهو قول الحنفية للحاجة فقط (٢) –كما سبق-، والمالكية (٣)، والشافعية (٤)، ورواية عند الحنابلة (٥).

القول الثاني: عدم جواز الاستئجار على تعليم القرآن، وهو قول عند الحنفية، وهو الأصل في المذهب -كما سبق-، ورواية أخرى عن الحنابلة (٦).

الأدلة والمناقشات:

أدلة القول الأول:

استدل القائلون بجواز الاستئجار لتعليم القرآن بأدلة، منها:


(١) رد المحتار، ٢/ ٥٩٦، الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك مع حاشية الصاوي، ٢/ ١٦، حاشيتا قليوبي وعميرة، ٤/ ٢٩٧، المغني، ٥/ ٤١١.
(٢) ويفهم من ذلك أن قول المالكية والشافعية ورواية عند الحنابلة من باب الأصل في المذهب، وأما الحنفية فألحقت قولهم بهم، لموافقتهم لهم في حالة الحاجة الماسة إلى الاستئجار خوفاً من تضييع حفظ القرآن الكريم، وإلا فيمكن القول بأن الحنفية يمنعون ذلك، لكن على الأصل في مذهبهم هم.
(٣) المدونة، ١/ ١٦٠، شرح مختصر خليل للخرشي، ٧/ ١٧، وأكد على أن الإجارة تجوز لأجل الحفظ، منح الجليل، ٧/ ٤٧٦.
(٤) الأم، ٢/ ١٤٠، المجموع (تكملة المطيعي)، ١٥/ ١٥.
(٥) الشرح الكبير، ٦/ ٦٣.
(٦) الشرح الكبير، ٦/ ٦٣، وقد حملوها على الكراهة لا التحريم.
وذكر في مجموع الفتاوى (٢٤/ ٣١٦) رواية ثالثة -لم أجدها عند غيره- أنه يجوز أخذ الأجرة عليها للفقير دون الغني، للحاجة، وأنه أقوى من غيره. قلت: وهو قريب من قول الحنفية المفتى به؛ لأن الضرورة التي جعلتهم يجيزون الاستئجار سببها فساد بيت المال وعدم صرف الدول على عطيات القراء والمحفظين، مما اضطرهم إلى البحث عما يكفي حاجتهم وحاجة عيالهم، وفي غيابهم عن منصات التعليم خوف على ضياع حفظ كتاب الله –جل وعلا-، والله أعلم.

<<  <   >  >>