للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثاني: حديث عبادة بن الصامت – قال: علمت ناساً من أهل الصفة القرآن والكتابة، فأهدى إليّ رجل منهم قوساً، فقلت: ليست بمال، وأرمي عنها في سبيل الله، فسألت رسول الله عنها، فقال: "إن سرك أن تطوق بها طوقا من نار فاقبلها" (١) (٢).

وجه الدلالة: الحديث دليل على حرمة التكسب من تعليم الناس القرآن.

نوقش بأنه منسوخ بحديث: "إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله" السابق ذكره (٣).

الدليل الثالث: عن أبي بن كعب – أنه علم رجلاً سورة من القرآن فأهدى له خميصة أو ثوباً فذكر ذلك للنبي فقال: "لو أنك لبستها أو أخذتها ألبسك الله مكانها ثوبا من نار" (٤).

وجه الدلالة: في الحديث دليل على منع أخذ الأجرة على تعليم القرآن أو سورة منه.

نوقش الدليل الثاني والثالث بأنهما قضيتان في عين، فيحتمل أن النبي علم أنهما فعلا ذلك لله خالصاً، فكره أخذ العوض عنه من غير الله تعالى (٥).


(١) أخرجه ابن ماجه، ٢/ ٧٣٠، كتاب التجارات، باب الأجر على تعليم القرآن، رقم حديث: ٢١٥٧، وفي سنده الأسود بن ثعلبة، ولا يُعرف كما في ميزان الاعتدال (١/ ٢٥٦) نقلاً عن ابن المديني، وفي تهذيب الكمال (٣/ ٢٢٠) عن ابن المديني أيضاً أنه قال: "لا أحفظ عنه غير هذا الحديث"، أي حديث عبادة بن الصامت، وجاء في تهذيب التهذيب (١/ ٣٣٨)، أن ابن حبان ذكره في الثقات (٤/ ٣٣، رقم ترجمة: ١٠٧٨)، وأخرج الحاكم له في المستدرك هذا الحديث، وصحَّحه (٢/ ٤٨، رقم حديث: ٢٢٧٧)، وقال في موضع آخر: إنه شامي معروف (١/ ٢٨٤، رقم حديث: ٦٢٦)، وصحّح في عمدة القاري، ١٢/ ٩٦، وقد صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، ٢/ ٢١٠.
(٢) المغني، ٥/ ٤١١.
(٣) شرح سنن ابن ماجه للسيوطي وغيره، ص: ١٥٦.
(٤) الحديث ذكره في المغني، ٥/ ٤١١، والشرح الكبير، ٦/ ٦٥، وشرح منتهى الإرادات، ٢/ ٢٥٨، كلهم نقلاً من سنن الأثرم، ولم أجدها في النسخة المتوفرة منه عندي.
(٥) المغني، ٥/ ٤١٢.

<<  <   >  >>