للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الرابع: عن أبيّ – أيضاً أنه قال: كنت أختلف إلى رجل مسن قد أصابته علة قد احتبس في بيته أقرئه القرآن، فكان عند فراغه مما أقرئه يقول لجارية له هلمي طعام أخي فيؤتى بطعام لا آكل مثله بالمدينة، فحاك في نفسي منه شيء، فذكرته للنبي فقال: "إن كان ذاك الطعام طعامه وطعام أهله فكل منه، وإن كان يتحفك به فلا تأكله" (١).

وجه الدلالة: في الأثر دليل على حرمة أخذ الأجر على تعليم القرآن الكريم حتى لو كان في صورة الضيافة الخاصة إذا ظُنّ أن التعليل سببها.

الدليل الخامس: عن عبد الرحمن بن شبل الأنصاري قال: سمعت رسول الله يقول: "اقرءوا القرآن، ولا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به" (٢) (٣).

وجه الدلالة: الحديث دليل على منع الأكل بالقرآن والتكسب به، ومن الأكل به الاستئجار لتعليمه.

الدليل السادس: من شرط صحة هذه الأفعال كونها قربة إلى الله –، فلم يجز أخذ الأجر عليها كما لو استأجر قومًا يصلون خلفه الجمعة أو التراويح (٤).


(١) يقال فيه مثل ما قيل في الدليل الثالث من القول الثاني.
(٢) أخرجه أحمد، ٢٤/ ٢٨٨، مسند المكيين، زيادة في حديث عبد الرحمن بن شبل –، رقم حديث: ١٥٥٢٩، وقد صحَّحه محققو الكتاب، وصرحوا بأن سنده قوي، وأن رجاله ثقات رجال الشيخين إلا أبا راشد الحبراني، لكن وثقه ابن حبان في الثقات (٤/ ٦٣)، وأن أهل الشام رووا عنه، وقوَّى سنده ابن حجر في الفتح (٩/ ١٠١).
(٣) المغني، ٥/ ٤١٢.
(٤) المغني، ٥/ ٤١٢، الشرح الكبير، ١٤/ ٣٨٣.

<<  <   >  >>