استدل القائلون بعدم صحة بيع ما يعرض بالنموذج بعدم رؤية المبيع وقت العقد (١).
وقد يُناقش بأن رؤية المبيع حصلت برؤية النموذج، ولا فرق بين النموذج والآخر، ثم في منعه حرج شديد على الناس وبخاصة إذا كانت البضاعة كثيرة.
الترجيح:
بعد استعراض القولين وأدلتهما يظهر أن القول الأول أقرب لقوة دليله وورود المناقشة على دليل القول الثاني، ولأن الحاجة تدعو إلى ذلك خاصة مع التجارة الإلكترونية التي تتيح شراء بضاعة من أقصى الدنيا، ولا سبيل إلى رؤية كلها إلا بالنموذج، ثم الصناعة اليوم وصلت منتهى الدقة والانضباط في أوصاف السلعة المنتجة حجماً وشكلاً، وفي مثل هذه البيوع مصلحة اقتصادية كبيرة للمتعاقدين طالما انتفى الضرر، والله أعلم.
والمسألة له ثمرة عملية تظهر في صور كثيرة من المعاملات، منها:
- لو أن إنساناً له محل بيع الأجهزة الإلكترونية وسافر إلى الصين مثلاً ليجلب البضاعة، وقد رأى النماذج منها والذي سيشتريه يصل إلى آلاف القطع، فعلى القول الأول صح البيع؛ لأن رؤية العينة كرؤية الكل، ولا خيار الرؤية، ولو ظهرت البضاعة أردأ من العينة فإن له خيار العيب، وعلى القول الثاني لم يصح البيع حتى يرى جميع البضاعة.
- لو أن شخصاً أراد أن يشتري بضاعة كثيرة مختلفة من موقع أمازون (التجارة الإلكترونية) والمعروض صورة عينة فقط لكل نوع من أنواع البضاعة؛ فعلى القول الأول يصح البيع؛ لأن رؤية صورة العينة الواحدة كرؤية جميع العينات؛ لتطابقها حجماً وشكلاً وجودةً وغير ذلك، وعلى القول الثاني لا يصح البيع؛ لعدم رؤية جميع البضاعة.
- لو أن شخصاً له محل بيع فواكه وخضروات، وذهب إلى السوق العامة ليجلب البضاعة، فأراد أن يشتري عشرة كراتين تمر، وقد رأى بعضها فقط دون سائرها، فعلى القول الأول يصح البيع ولا خيار رؤية، وعلى الثاني لم يصح البيع حتى يرى البضاعة كلها.