للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الثالثة: بيع الكرباس (١) بالقطن:

جاء في كتب الحنفية ما يدل على صحة بيع الكرباس بالقطن؛ لاختلاف الجنس باعتبار المقصود والمعيار (٢)، ولا خلاف فيه، والقطن (٣) بالغزل يجوز عند محمد؛ لأن الثوب لا ينقض ليعود غزلاً أو قطناً (٤)، وأبو يوسف منعه للمجانسة (٥)، والفتوى على قول محمد – جميعاً- (٦).

دراسة المسألة دراسة مقارنة:

لم أجد ذكراً لهذه المسألة بعينها في كتب بقية المذاهب، والذي يظهر أن سبب إيرادها في كتب الحنفية كون القطن من الأموال الربوية عندهم؛ لأنه موزون (٧)، وقد سبق في مسألة بيع الخبز بالحنطة والدقيق متفاضلاً أن علة ربا الفضل عندهم الكيل مع الجنس أو الوزن مع الجنس (٨).

وقد نصوا على أن الثياب ليسب بموزونة، وعليه فيجوز بيع الكرباس الذي هو الثياب المصنوع من القطن بالقطن؛ لأنه بيع غير الموزون، بل بيع العددي بالموزون، فلا علة الربا.

وإذا راجعنا ما قاله فقهاء المذاهب غير الحنفية في علة ربا الفضل نجد أقوالهم تدور حول الادخار والاقتيات أو الطعم أو الطعم مع الكيل أو الوزن، والقطن ليس من هذه أصلاً.


(١) الكرباس -بكسر الكاف وسكون الراء- ثوب من القطن (الأبيض). ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، ٤/ ١٦١، تاج العروس، ١٦/ ٤٣٢.
(٢) لأن الثوب لا ينقض فيعود قطناً، ولأنه موزون، والثوب غير كذلك. ينظر: النهر الفائق، ٣/ ٤٧٦.
(٣) المثبت في كثير من المراجع بيع الكرباس بالغزل خلافاً لما في الاختيار، وليس بيع القطن بالغزل، والله أعلم. ينظر: رد المحتار، ٥/ ١٨٠، النهر الفائق، ٣/ ٤٧٦، درر الحكام، ٢/ ١٨٨.
(٤) مجمع الأنهر، ٢/ ٨٧.
(٥) لأن القطن يصير غزلاً ثم يصير كرباسًا، فالغزل أقرب إلى القطن من الكرباس. ينظر: رد المحتار، ٥/ ١٨١.
(٦) الاختيار، ٢/ ٣٣، ملتقى الأبحر، ص: ١٢٣، رد المحتار، ٥/ ١٨٠ - ١٨١.
(٧) النهر الفائق، ٣/ ٤٧٦.
(٨) الاختيار، ٢/ ٣٠، تبيين الحقائق، ٤/ ٨٥.

<<  <   >  >>