للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولأنه من باب السلم، وقد أسلم موزوناً (الخبز) في مكيل (الحنطة والبر) يمكن ضبط صفته ومقداره، وكذلك إذا أسلم في موزون (الخبز) إذا كان الخبز نسيئة (١).

دراسة المسألة دراسة مقارنة:

لم أجد هذه المسألة بعينها في كتب بقية المذاهب، لكن يمكن تخريجها بناءً على ما مر في المسألة السابقة:

- فالحنفية جوَّزوا بيع الخبز بالحنطة متفاضلاً؛ لأنهما جنسان، أو لأن الخبز ليس مكيلاً والحنطة مكيلة، وفي بيع هذا بهذا لم يوجد أحد وصفي علة ربا الفضل، فيجوز نسيئة، ويجعلونه سلماً لأجل التأخير.

- وأما المالكية فعلة ربا الفضل عندهم الاقتيات والادخار، فجوزوا بيع الخبز بالحنطة متفاضلاً؛ لأنه لا يدخر، لكن علة ربا النسيئة عندهم مجرد الطعم، فيخرج على أنه لا يجوز بيع الخبز بالحنطة نسيئة؛ لأنهما مطعومان.

- وأما الشافعية فعلة ربا الفضل عندهم الطعم، وكذا ربا النسيئة، فيخرج قولهم كقول المالكية.

- وأما الحنابلة فعلة ربا الفضل عندهم الطعم مع الوزن أو الطعم مع الكيل، وواقع أدلتهم في المسألة السابقة أن الخبز عندهم مكيلاً كالحنطة، وعلة ربا النسيئة هي وجود أحد وصفي علة ربا الفضل، وعليه فإن الخبز والحنطة مطعومان مكيلان، فلا يجوز بيع أحدهما بالآخر نسيئة.

والذي يظهر في هذه المسألة أن الخبز عددي، وبخاصة في هذا الوقت، والعددي ليس من أموال الربا (٢)، والله أعلم.


(١) البناية، ٨/ ٢٩٦.
(٢) بدائع الصنائع، ٥/ ٢٤٥.

<<  <   >  >>