للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثاني: يستحلف في هذه الأشياء ويقضى بالنكول، وهو قول الصاحبين، لأن النكول عندهما قائم مقام الإقرار (١) الذي فيه شبهة (العدم؛ لأنه ليس بصريح إقرار، بل هو إقرار بطريق السكوت) (٢)، وهذه الأشياء مما تثبت بدليل فيه شبهة (٣)، (بخلاف الحدود) (٤).

والفتوى على قول الصاحبين؛ لعموم البلوى (٥).

دراسة المسألة دراسة مقارنة:

صورة المسألة:

لو أن إنساناً ادعى على فلان أنه ابنه ولا بينة؛ فهل يحلف المدعى عليه؟ وإذا نكل هل يحكم بالنكول؟

تحرير محل النزاع:

اتفق الفقهاء على أنه لا استحلاف في الحدود؛ لأنها حق الله إلا إذا تعلق بها حق الآدمي مثل حد القذف، وأما حقوق الآدميين فإن كانت بمال أو المقصود منه المال فاليمين مشروعة بلا خلاف أيضاً (٦)، وأما ما ليس بمال ولا المقصود منه المال -وهو كل ما لا يثبت إلا بشاهدين كالقصاص، والقذف، والنكاح، والطلاق، والرجعة، والنسب، والاستيلاد، والرق، والعتق، والولاء- فقد اختلفوا في ذلك على ستة أقوال:


(١) المبسوط، ١٦/ ١١٧.
(٢) بدائع الصنائع، ٧/ ٥٢، الاختيار، ٢/ ١١٢، العناية، ٨/ ١٨٢؛ لأن الناكل ممتنع عن اليمين الكاذبة ظاهراً فيصير معترفاً بالمدعى دلالة، إذ لولا ذلك لأقدم على اليمين الصادقة إقامة للواجب فكان إقراراً أو بدلاً عنه، إلا أنه إقرار فيه شبهة، والحدود تدرأ بالشبهات.
(٣) تحفة الفقهاء، ٣/ ١٨٣.
(٤) بدائع الصنائع، ٧/ ٥٢.
(٥) الاختيار، ٢/ ١١٣، مجمع البحرين، ص: ٧٤٧.
(٦) الاختيار، ٢/ ١١٢، نهاية المطلب، ١٨/ ٦٦٥، المغني، ١٠/ ٢١٣ - ٢١٤، وقال في المال: "بلا خلاف بين أهل العلم"، وفي حقوق الله: "لا نعلم في هذا خلافاً"، وجاء في الكافي في فقه أهل المدينة (٢/ ٩٢٣) أن القسامة وأيمان اللعان تستثنى.

<<  <   >  >>