للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الدلالة: ظاهر الحديث يدل على أن رسول الله – قبل شهادة الأعرابي لمجرد إسلامه.

قد يناقش بأنه كان صحابياً، وهو قدر زائد على مجرد الإسلام، والصحابة عدول، والكذب مأمون من قبلهم (١).

الدليل الرابع: كون العدالة هي الأصل؛ لأن الإنسان يولد غير فاسق، والفسق مظنون، فلا يجوز ترك الأصل بالظن (٢).

قد يناقش بأن العدالة ليست أصلاً، بل الأصل ظلم وجهل، كما قال تعالى: ﴿وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (٧٢)[الأحزاب: ٧٢].

الدليل الخامس: كون العدالة أمراً خفياً سببها الخوف من الله، ودليل ذلك الإسلام، فإذا وُجد فليكتفِ به ما لم يقم دليل على خلافه (٣).

قد يناقش بأن الدليل الأدنى للعدالة هو مجرد الإسلام وهو كافٍ في مجتمع مسلم يسود فيه العلم والعدل، لكن إذا كثر فيه الظلم والجهل احتجنا إلى الدليل الأقوى على العدالة، ويحصل ذلك بالسؤال عن حال الشهود.

الترجيح:

بعد استعراض القولين وأدلتهما يظهر أن كلا القولين لهما حظ من النظر، والذي يظهر أنه يمكن الجمع بينهما بحيث يرجح القول الثاني في مجتمعات انتشر فيها العلم والعدل ولم يظهر على الناس فساد، ويرجح القول الأول عند خلاف ذلك.

والمسألة لها ثمرة عملية تظهر في صور كثيرة تتعلق بشهادة الشهود، منها:


(١) فتح الباري لابن حجر، ٦/ ٤٩٩، وقد ذكر الجزء الثاني من المناقشة أي أن الصحابة عدول وما بعدها.
(٢) الاختيار، ٢/ ١٤٢.
(٣) المغني، ١٠/ ٥٧.

<<  <   >  >>