للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تحرير محل النزاع:

اختلف الفقهاء في مسألة الحقوق التي يُقبل فيها كتاب القاضي إلى القاضي على قولين:

القول الأول: يجوز كتاب القاضي إلى القاضي في كل الحقوق إلا الحدود والقصاص، وهو قول الحنفية المفتى به، وهو مذهب الحنابلة (١).

القول الثاني: يجب على القاضي المكتوب له قبول ما يرد إليه عن القاضي الكاتب في المال والقصاص والعقوبات والعفو وغيرها إن كان القاضي الكاتب أهلاً للقضاء، وكذا رده إن كان غير أهل، وهو قول المالكية (٢)، وهو قول الشافعية كذلك (٣) (٤)، وتفصيله على النحو الآتي:

يقبل كتاب القاضي في كل حق تقبل فيه الشهادة على الشهادة، وهي مقبولة في كل حق مالي لله وللآدميين، وأما العقوبات فحاصل مذهبهم ثلاثة أقوال:

- لا يثبت شيء من العقوبات بالشهادة على الشهادة؛ لأن مبناها على الدرء،

- يثبت القصاص دون العقوبات التي هي من حق الله، وحد القذف جارٍ مجرى القصاص.


(١) العدة شرح العمدة، ص: ٦٧٥، الإقناع، ٤/ ٤٠٧، الإنصاف، ١١/ ٣٢١.
(٢) جامع الأمهات، ص: ٤٦٧، التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب، ٧/ ٤٤٩.
(٣) لأن كون القاضي أهلاً للقاضي أصل في المسألة، واشتراط الأصل لا فائدة منه، ولأنه تصوره صعب، ووجوده نادر، ثم عند إزالة أهلية القاضي يذكرون الجنون والإغماء والغفلة ونسيان يخل بالضبط وفسق ونحوهما. ينظر: حاشية الجمل، ٥/ ٣٤٠. قلت: الذي يظهر أن المراد من قولهم: (أهلاً للقضاء) أي في لحظة كتابة الكتاب، وإلا فما ذكروه من إزالة الأهلية عوارض لا تثبت، والله أعلم.
(٤) إلا أنهم فرقوا بين ما ثبت عند القاضي الكاتب وبين ما حكم به لينفذه القاضي المكتوب له؛ فما حكم به فيقبل بغض النظر عن المسافة؛ لأن ما حكم به يلزم كل أحد إمضاؤه، وأما ما ثبت عنده فلم يجز قبوله إذا كانت بينهما مسافة لا تقصر فيها الصلاة. ينظر: المهذب في فقه الإمام الشافعي، ٣/ ٤٠١.

<<  <   >  >>