للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- قياس العقوبات على المال فتثبت بالشهادة على الشهادة، وحاصل المذهب أنه يقبل كتاب القاضي إلى القاضي في كل الحقوق من الأموال والحدود والقصاص (١).

وهو رواية أخرى عند الحنابلة يقبل كتاب القاضي إلى القاضي في كل حق تقبل الشهادة على الشهادة (٢).

الأدلة والمناقشات:

أدلة القول الأول:

استدل أصحاب القول الأول القائل بأن كتاب القاضي يقبل في كل حق إلا الحدود والقصاص بأدلة، منها:

الدليل الأول: حدود الله – مبنية على الستر والدرء بالشبهات، والإسقاط بالرجوع عن الإقرار بها، والشهادة على الشهادة لا تخلو من الشبهة (٣).

قد يناقش بأن الشبهة يمكن إرجاعها إلى التزوير أو شبهة البدلية، فأما التزوير فالشبهة تقوى وتضعف بحسب تغير الأزمان والأعراف، وأما شبهة البدلية –وهي كون كتابه ينقل شهادة الأصول كما أن الفروع ينقلون بشهادتهم شهادة الأصول- فهي ضعيفة؛ لأن الكتاب موثق ومختوم، وأما الشهادة المجردة بالكلام قد تتأثر بالنسيان وتتغير بالقدرة على الكلام.


(١) الحاوي الكبير، ١١/ ١٤٧، نهاية المطلب، ١٨/ ٥٣٣، ١٩/ ٣٥ - ٣٦، والوسيط في المذهب، ٧/ ٣٣١ - ٣٣٢، المجموع (تكملة المطيعي)، ٢٠/ ٢٦٨، وأجملها الماوردي في الإقناع (ص: ٢٠٣): "وتجوز الشهادة على الشهادة بكتاب القاضي في كل حق للآدميين مالاً أو حدًّا أو قصاصًا"، وبها أخرج حقوق الآدميين من كونها مالاً فقط. وجاء في الحاوي الكبير (١١/ ١٤٧) ما يؤيد قول الماوردي في الإقناع بأن قول الشافعية في المسألة قبول كتاب القاضي في الحقوق كلها من الأموال والحدود والقصاص، والله أعلم.
(٢) الكافي في فقه الإمام أحمد، ٤/ ٢٨٩، الشرح الكبير على متن المقنع، ١١/ ٤٦٨، الإنصاف، ١١/ ٣٢١، وخلاصة المذهب أن كتاب القاضي مقبول في الأموال بالاتفاق، والحدود على روايتين، وما عدا ذلك يخرّج على الحدود، فمن منع الحدود منع غيرها، وإلا فلا.
(٣) العدة شرح العمدة، ص: ٦٧٥ - ٦٧٦.

<<  <   >  >>