للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم لو اعتبر كتاب القاضي شهادة الفرع على شهادة الأصل، فالقاضي فرع قريب جدًّا من الأصل؛ لأنه لازم القضية من أولها إلى آخرها ويعرف تفاصيلها بدقة، فقياس كتابه على شهادة الفرع قياس مع الفارق، وعليه فشبهة البدلية هنا ضعيفة، ولا يلتفت إليها.

الدليل الثاني: من أتى ما يوجب لله – حدًّا فعليه أن يستره، ومن لزمه حق الآدميين فعليه أن يظهره، فذلك وجب الاستظهار في حقوق الآدميين دون حقوق الله تعالى (١).

قد يناقش بأنه لا يتصور إلا إذا كان كتاب القاضي ينقل الشهادة، وأما إذا كان ينقل الحكم فلا؛ لأن الاستظهار في الحكم يحصل شرعاً ولا بد، وذلك بإقامة الحد بحضور طائفة من المؤمنين، وأما ما يتعلق بنقل الشهادة –وهو موضع الدليل- فالاستظهار قد حصل برفع القضية إلى القاضي.

ثم كتاب القاضي إلى القاضي من أمور الضبط والاستيثاق، والحكم يترتب عليه وقد يتوقف عليه، وهذا شامل في كل الحقوق، فاعتباره في الحدود كاعتباره في الأموال.

أدلة القول الثاني:

استدل أصحاب القول الثاني القائل بأن كتاب القاضي يقبل في كل الحقوق بأدلة، منها:

الدليل الأول: كتاب القاضي إلى القاضي بمنزلة الشهادة على الشهادة، فيثبت كسائر الحقوق أو كالشهادة على الأموال (٢)، ومعناه أن كتاب القاضي لا يثبت إلا بتحمل الشهادة من جهة القاضي فكان حكمه حكم الشهادة على الشهادة (٣).

الدليل الثاني: قياس الحدود على الأموال بجامع أنها حقوق، فكما تقبل الشهادة على الشهادة في الأموال فلتقبل في الحدود، وكتاب القاضي إلى القاضي بمنزلة الشهادة على الشهادة (٤).


(١) الحاوي الكبير، ١١/ ١٤٧.
(٢) العدة شرح العمدة، ص: ٦٧٥.
(٣) الشرح الكبير على متن المقنع، ١١/ ٤٦٨.
(٤) نهاية المطلب، ١٨/ ٥٣٣، ١٩/ ٣٥ - ٣٦.

<<  <   >  >>