بعد استعراض القولين وأدلتهما يظهر أن القول الثاني أقرب؛ لقوة دليله، والرد على دليلي القول الأول، ولأن كتاب القاضي من الوسائل التي تتبدل صورها بتغير الأزمان، ومن هنا قبلت أنظمة المرافعات المعاصرة؛ لأنها كلها تعود إلى الضبط ولا تنافي النصوص الشرعية، وما دام عُرف أن الكتاب صدر من القاضي فلان حقيقةً ووصل إلى القاضي المكتوب له حقيقةً فيعمل بما فيه من نقل الشهادة أو الحكم وفي كل الحقوق.
والمسألة لها ثمرة عملية تظهر في صور كثيرة، منها:
- لو أن قاضياً كتب الكتاب إلى قاضٍ في منطقة أخرى يذكر فيه ما ثبت عنده من دعوى فلان على فلان في حق مالي وشهادة الشهود، ويطلب منه الحكم في ذلك، فيقبل عند الجميع؛ لأنه حق مالي، لكن لو كان الطلاق فيقال بالتفصيل: يجوز عند الحنفية؛ لأنه ليس بحد ولا قصاص، وعند الحنابلة على رواية، وعند المالكية يجوز أيضاً لأن القاضي الكاتب أهل للقضاء، وعند الشافعية على الصحيح عندهم.
- ولو أن قاضياً كتب ذلك في حد من حدود الله، وأنه حكم على فلان ويطلب من القاضي المكتوب له أن ينفذ الحكم، فلا يقبل على القول الأول بخلاف الثاني.