للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد وقع الخلاف بين فقهاء الحنفية في بعض أنواع المال هل يتقوم أم لا، فيقولون: من كسر لمسلم بربطاً (١) أو طبلاً (٢) أو دفاً (٣) (٤) أو مزماراً (٥) أو أراق له سكراً (٦) أو منصفاً (٧) فهو ضامن عند أبي حنيفة –رحمه الله تعالى-؛ لأنها كما تصلح للهو والفساد يصلح للانتفاع بها من وجه آخر، فكان مالاً متقوماً من ذلك الوجه (٨)، فيجوز بيعه (٩)، وعند الصاحبين لا يضمن؛ لأن البربط والطبل من آلة اللهو والفساد، فلم يكن متقوّماً كالخمر (١٠)، أي أن هذه الأشياء أُعدت للمعصية فبطل تقوّمها كالخمر، ولأنه فعل آمر بالمعروف، وهو بأمر الشرع فلا يضمنه كما إذا فعل بإذن الإمام، والفتوى على قولهما (١١).

دراسة المسألة دراسة مقارنة:

اختلف الفقهاء في تقدير الأموال المتقومة بحيث تُضمن عند إتلافها على قولين:


(١) العود، من ملاهي غير العرب. ينظر: العين، ٧/ ٤٧٢، لسان العرب، ٧/ ٢٥٨.
(٢) معروف الذي يضرب به وهو ذو الوجه الواحد والوجهين. ينظر: لسان العرب، ١١/ ٣٩٨.
(٣) تَضرِب به النساء. ينظر: الصحاح، ٤/ ١٣٦٠.
(٤) الاختلاف في الدف والطبل الذي يضرب للهو. فأما طبل الغزاة والدف الذي يباح ضربه في العرس يضمن بالإتلاف من غير خلاف. ينظر: الهداية، ٤/ ٣٠٧.
(٥) من الزَّمْر، إذا غنّى في القصب. ينظر: لسان العرب، ٤/ ٣٢٧.
(٦) اسم للنيء من ماء الرطب إذا اشتد. ينظر: الهداية، ٤/ ٣٠٧.
(٧) اسم للنيء من ماء الرطب إذا اشتد وذهب نصفه بالطبخ. ينظر: الهداية، ٤/ ٣٠٧.
(٨) لأنها أموال لصلاحيتها لما يحل من وجوه الانتفاع وإن صلحت لما لا يحل فصار كالأمة المغنية. ينظر: الهداية، ٤/ ٣٠٧. وجاء في رد المحتار (٦/ ٢١٢) ما يوضح أكثر، فقال: "لأنها أموال متقومة لصلاحيتها للانتفاع بها لغير اللهو، فلم تنافِ الضمان كالأمة المغنية، بخلاف الخمر فإنها حرام لعينها. وأما السكر ونحوه فحرمته عرفت بالاجتهاد وبأخبار الآحاد، فقصرت عن حرمة الخمر، فجوزنا البيع".
(٩) هذا الاختلاف في الضمان دون إباحة إتلاف المعازف، وفيما يصلح لعمل آخر وإلا لم يضمن شيئاً اتفاقاً. ينظر: رد المحتار، ٦/ ٢١٢.
(١٠) الهداية، ٤/ ٣٠٧، بدائع الصنائع، ٧/ ١٦٧ - ١٦٨، شرح مختصر الطحاوي للجصاص، ٦/ ٣٠٩.
(١١) الهداية، ٤/ ٣٠٧.

<<  <   >  >>