للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الدلالة: "أن الشهود إذا عاينوا الفاحشة فهم بالخيار إن شاءوا شهدوا به حسبة لإقامة الحد، وإن شاءوا ستروا على المسلم حسبة أيضًا، فإن اختاروا الأداء حرم عليهم التأخير؛ لأن تأخير الحد حرام، فيحمل تأخيرهم على الستر حسبة حملاً لهم على الأحسن، فإذا أخروا ثم شهدوا اتهموا أنهم إنما شهدوا لضغينة حملتهم على ذلك كما قال عمر ، وإن كان تأخيرهم لا لحسبة الستر ثبت فسقهم ورُدَّت شهادتهم" (١).

وقد يناقش بأن هذا الدليل مبني على الأثر المروي عن عمر وقد تبين أنه لم يثبت، وعليه فلا يصح الاستدلال به.

كما يمكن حمله على معنى عدم قبول شهادة من يشهد ولم يشاهد الواقعة المشهود عليها.

أدلة القول الثاني:

استدل القائلون بسماع الشهادة ولو تقادم الحد بأدلة، منها:

الدليل الأول: قوله تعالى: ﴿وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ﴾ [النساء: ١٥]، وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤)[النور: ٤]، وقوله: ﴿لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (١٣)[النور: ١٣].

وجه الدلالة: عموم الآية (٢) فإنه يفيد عدم تخصيص الشهادة بزمن معين.

الدليل الثاني: أنه حق ثبت بالشهادة على الفور فوجب أن يثبت بها بعد تطاول الزمان كسائر الحقوق (٣).


(١) المرجع السابق.
(٢) المغني، ٩/ ٧٦.
(٣) البحر المذهب، ١٣/ ٣٣، المغني، ٩/ ٧٦.

<<  <   >  >>