أحدهما: أن الحافظ ابن حجر رحمه الله معروف بإمامته في هذا الشأن وتوسطه واعتداله في نقد الرواة، فإذا قال في الراوي الذي هو متروك - عنده-: "ضعيف"؛ حملنا قوله في هذه الحالة على أنه أراد مطلق الضعف لا تحديد منزلة الراوي حسب اصطلاح المحدثين، وإلا لزمنا على ذلك رمي الحافظ بالتساهل حيث يقول في الراوي الذي حقه أن يقال فيه:"متروك" يقول فيه: "ضعيف"، وهذا ما الحافظ عنه بريء؛ إذ الحافظ نفسه قد حكم على هذا الراوي بالترك والضعف الشديد في مواضع أخرى من كتبه، وإلا لزمنا رمي الحافظ بالتناقض في شأن هؤلاء الرواة، والجمع بين كلام الحافظ رحمه الله وحمله على المحامل الحسنة أولى من حمله على التناقض.
الثاني: أن الحافظ قد نقل الإجماع على ترك بعض الرواة وجرحهم الشديد، ثم تجده في مواضع أخرى من كتبه يحكم عليهم بقوله:"ضعيف".
فهل يستسيغ عاقل أن يقول: إن الحافظ ابن حجر رحمه الله عنى بقوله في كل واحد من هؤلاء الرواة: "ضعيف" المعنى الإصطلاحي الذي لا ينزل صاحبه عن درجة الإستشهاد مع نقله الإجماع على تركهم؟ !
أم الأولى حمل تضعيف الحافظ لهؤلاء الرواة على المعنى اللغوي الذي يسلم به الحافظ من معرة الرمي بمخالفة إجماع المحدثين؟
لا شك أن هذا هو الأولى.
وهؤلاء عدة رواة حكم عليهم الحافظ بالضعف مع نقله الإجماع على تركهم وضعفهم الشديد في مواضع أخرى:
١) الحسن بن عمارة الكوفي، نقل الحافظ إطباقهم على تركه حيث قال في "هدي