[الحافظ يتساهل في الحكم الإجمالي ما لا يتساهل في الحكم التفصيلي]
من المعلوم أن طرق التعديل والتجريح على كثرتها وتشعبها لا تخلو من حالين:
الأولى: أن يكون التعديل أو التجريح مفصلا، بمعنى: أن يخص الراوي بحكم من الأحكام إما العدالة وإما الجرح.
الثانية: قد يكون التعديل أو التجريح إجماليا، بمعنى: أن يكون الحكم على مجموعة من الرواة بحكم واحد، كأن يقال فيهم:"ثقات" أو "ضعفاء" أو نحو ذلك.
وتقدم بيان أن الحكم التفصيلي أقوى وأسد وأبين من الحكم الإجمالي.
والملاحظ أن الحافظ ابن حجر رحمه الله يتساهل في حكمه الإجمالي على الراوي، فيرفعه عن منزلته اللائقة به، ما لا يكون في حكمه على الراوي بمفرده، فتراه إذا حكم على الراوي بمفرده يحكم عليه بما يستحقه من التعديل والتجريح كأن يقول فيه:"ضعيف" أو "صدوق" بينما لو كان هذا الراوي ضمن سند حديث من الأحاديث ثم حكم على ذلك السند بحكم عام تجده ربما تساهل، ورفع هذا الراوي عن منزلته التي هو أهلها، فتجده يقول عن ذلك السند:"إسناده صحيح" أو: "رجاله ثقات" وما شابه ذلك.
ومعلوم أن الصدوق ومن هو دونه من باب أولى لا يحكم على حديثهم بالصحة لذاته.
وممن قرر ذلك الحافظ بن حجر رحمه الله في تفريقه بين الصحيح والحسن في كتابه "النكت" و"النزهة" وغيرهما من كتبه.
ومن ذلك قوله رحمه الله:"شرط الصحيح: أن يكون كل من رواته في المرتبة العليا من الضبط والإتقان". "كشف الستر عن حكم الصلاة بعد الوتر"(١٧).