[منهج الحافظ في التعامل مع اختلاف قولي أحد الحفاظ في بعض الرواة]
من المعلوم أن كثيرا من مسائل الجرح والتعديل اجتهادية، مما يؤدي بذلك إلى اختلاف أقوال أئمة الجرح في شأن بعض الرواة.
وتارة يكون الخلاف بين قولي الإمام نفسه.
وتارة يكون الخلاف بين أكثر من إمام.
إلا أنه ينبغي أن يُعلم أن الأصل في أقوال أئمة الجرح والتعديل التعاضد لا التعارض، والتوافق لا التباين، والإتفاق لا الإفتراق؛ لأنهم ينطلقون غالبا من قواعد علمية ثابتة.
فعلى هذا فلا ينبغي لطالب العلم إذا وجد أقوال أئمة الجرح والتعديل مختلفة في راو من الرواة أن يحكم عليها بالتعارض، ثم يعمد إلى الترجيح، بل لا بد قبل ذلك من الجمع بين أقوالهم، ففي الجمع بين أقوالهم إعمال الأقوال، وفي الترجيح إهمال بعض الأقوال، والإعمال أولى من الإهمال.
فإن لم يتيسر له الجمع بدون كلفة وتعنت فحينئذ يعمد إلى الترجيح.
قال الإمام ابن الوزير الصنعاني رحمه الله: "واعلم أن التعارض بين التعديل والتجريح إنما يكون تعارضا عند الوقوع في حقيقة التعارض، أما إذا أمكن معرفة ما يرفع ذلك فلا تعارض البتة.
مثال ذلك: أن يُجرَح هذا بفسق قد علم وقوعه منه، ولكن علمت توبته أيضا، والجارح جرح قبلها، أو يُجرَح بسوء حفظ مختص بشيخ أو بطائفة، والتوثيق يختص بغيرهم، أو سوء حفظ مختص بآخر عمره لقلة حفظ أو زوال عقل، وقد تختلف أحوال