ومن صنيع عمله في ذلك رحمه الله: أن الإمام النووي رحمه الله ذكر حديثا من طريق محمد بن عجلان عن سعيد المقبري ثم حكم عليه أنه صحيح الإسناد، فتعقبه الحافظ ابن حجر رحمه الله بقوله:"وأما قوله: "إنه صحيح الإسناد" ففيه نظر، فإن الشطر الثاني الذي اقتصر عليه من طريق محمد بن عجلان وهو صدوق لكن في حفظه شيء، وخصوصا في روايته عن المقبري؛ فالذي ينفرد به من قبيل الحسن، ولذا يصحح له من يدرج الحسن في الصحيح، وليس ذلك من رأي الشيخ". "نتائج الأفكار"(١/ ٢٣).
فأنت ترى أن الحافظ ابن حجر رحمه الله أنكر على النووي رحمه الله تصحيح سند من طريق راو صدوق، دليل على أنه لا يحكم للسند بالصحة إلا إذا كان جميع رواته بالمرتبة العليا من الضبط والإتقان.
فعلى هذا فيتم الإعتراض على الحافظ بتصحيحه أسانيد بعض الأحاديث من طريق رواة لا يرتقي حديثهم إلى الصحة بمفرده حسب حكم الحافظ ابن حجر رحمه الله عليهم، والله المستعان.
وفيما يلي سرد الأمثلة على تساهل الحافظ ابن حجر رحمه الله في التوثيق الإجمالي والحكم على أحاديث الرواة بالصحة، ناقلا حكم الحافظ على الراوي نصا من كتابه "التقريب" معقبا ذلك بحكمه عليه إجماليا أو على سند حديثه خارج "التقريب" وبالله التوفيق:
١) أحمد بن عبد الجبار العطاردي "ضعيف وسماعه للسيرة صحيح" وقال الحافظ في حديث هذا أحد رجاله: "إسناده حسن". "البزار"(١/ ٤٦٨).
٢) إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع الأنصاري "ضعيف" وقال في حديث هذا أحد رجاله: "إسناده حسن". "الفتح"(٦/ ٦٦٥).