الحفظ وكثرة الإطلاع، وابن الملقن في كثرة التصانيف، والمجد صاحب "القاموس" في حفظ اللغة، والعز بن جماعة في تفننه في علوم كثيرة، ثم تصدى لنشر الحديث وقصر نفسه عليه مطالعةً وإقراءً وتصنيفًا وإفتاءً، وتفرد بذلك، وشهد له بالحفظ والإتقان القريب والبعيد والعدو والصديق حتى صار إطلاق لفظ (الحافظ) عليه كلمة إجماع، ورحل الطلبة إليه من الأقطار، وطارت مؤلفاته في حياته وانتشرت في البلاد وتكاتبت الملوك من قطر إلى قطر في شأنها، وهي كثيرة جدًا منها ما كمل، ومنها ما لم يكمل، وقد عددها السخاوي فى "الضوء اللامع"، وكذلك عدَّدَ مصنفاتِه في الأربعينيات والمعاجم وتخريج الشيوخ والأطراف والطرق والشروح وعلوم الحديث وفنونه ورجاله في أوراق من ترجمته، ونقل عنه أنه قال:"لست راضيا عن شيء من تصانيفي؛ لأني عملتها في ابتداء الأمر ثم لم يتهيأ لي من يحررها معي سوى "شرح البخاري" و "مقدمته" و"المشتبه" و"التهذيب" و"لسان الميزان"" وروى عنه في موضع آخر أنه أثنى على "شرح البخاري" و"التغليق" و"النخبة"، ولا ريب أن أجل مصنفاته "فتح الباري"، وكان شروعه في تصنيفه سنة (٨١٧) على طريق الإملاء ثم صار يكتب من خطه يداوله بين الطلبة شيئا فشيئا، والاجتماع في يوم من الأسبوع للمقابلة والمباحثة إلى أن انتهى في أول يوم من رجب سنة (٨٤٢)، سوى ما ألحق فيه بعد ذلك، وجاء بخطه في ثلاثة عشرة سفْرًا، وبيض في عشرة وعشرين وثلاثين وأقل وأكثر، وقد سبقه إلى هذه التسمية شيخه صاحب "القاموس" فإنه وجد له في أسماء مصنفاته أن من جملتها "فتح الباري في شرح صحيح البخاري" وأنه كمل ربعه في عشرين مجلدًا, وله مؤلفات في الفقه وأصوله والعروض والآداب سردها السخاوي وقال بعد ذلك: "إنها تهادت تصانيفه